أنتِ وأسرتك

الصمت الاختياري

[FONT=Arial] يُعد الصمت الاختياري أحد الاضطرابات النفسية التي تصيب الأطفال، وتمنعهم من الكلام في بعض المواقف. على الرغم من سلامتهم من أي علة عصبية أو جسدية تحجبهم عن الكلام.
فالطفل يلتزم الصمت، في حين أنه قادر على الكلام، و سمي بالصمت الاختياري لأن الطفل يختار بإرادته وبوعي كامل منه الصمت والامتناع عن الكلام في بعض المواقف, على الرغم من سلامته من أي عائق مرضي عضوي. ولأن هذا الصمت يحدث في مواقف معينه دون أخرى, نتيجة لتعرض الطفل لصدمة نفسية، أو لمحاولة منه للفت الانتبا.. فيعمل فيها على استبدال اللغة والألفاظ بأساليب أخرى غير الكلام، للتواصل كالإشارات والإيماءات والحركات الصامتة أو الكتابة والرسم, ومع استمرار هذا الصمت لمدة لا تقل عن الشهر، فإنه يُشخص بأنه اضطراب نفسي لابد من البحث عن أسبابه، والعمل على اتباع أساليب علاجية متنوعة لتخليص الطفل منه. وحتى لا تتشكل لدى الطفل إعاقة في تواصله الاجتماعي، وتحرمه التفاعل مع من حوله، وتؤثر على نفسيته وتشكيل شخصيته. خاصة أن الطفل يتعلم الكثير عن طريق التفاعل في بيئاته المختلفة.
ويشكل الخوف والقلق مزيجا يدفع الطفل للصمت في بعض المواقف، كالمدرسة أو وجود الغرباء مثلاً، حيث يكون فيها الطفل تحت ضغوط مختلفة؛ مما تدفعه للصمت تعبيراً عن حالة القلق والخوف، أو لرفض الطفل لوضع معين, لكنه يرفضه بالصمت بدلاً من الكلام؛ لأن الأطفال شديدوا الحساسية تجاه المواقف والأحداث المختلفة، ولكن لايستطيعون التعبير عنها، مما يجعلهم يلجؤون للصمت نتيجة صراع داخلي مختلط بين القلق والخجل والعناد. وتكثر حالات الصمت الاختياري في الإناث عنها في الذكور؛ لأنهن أكثر حساسية للمواقف المحيطة بهن، ولما يمتلكنه من عاطفة تغلب على جوانبهن الأخرى فتجعلهن شديدات التأثر.
ولذلك فإن بعض المختصين يصنف الصمت الاختياري على أنه نوع من أنواع الرهاب الاجتماعي للأطفال، لالتزام الطفل الصمت مع الغرباء وفي المواقف المهيبة له، وفي الغالب يتجنب التواصل البصري معهم، بينما يتحدث بطلاقة مع المقربين منه.
ومسببات المشكلة كثيرة، ومن أهمها المواقف الصادمة التي يتعرض لها الطفل كالاعتداء الجسدي أو اللفظي على الطفل، وانعدام الشعور بالأمان والنضوب العاطفي. بالإضافة إلى طرق التربية الوالدية المتسلطة أو المحبطة. وكذلك الحماية الزائدة والإهمال يشكلان عنصراً هاماً يدفعه للصمت، بالإضافة إلى التفكك الأسري، أو المواقف المحبطة في المدرسة، مع فقدان احتياجاته الأساسية من الاهتمام والمحبة والتقدير.
ويبدأ هذا الاضطراب عادة قبل سن الخامسة، ولكنه يبدو بصورة أوضح عند دخول الطفل المدرسة، نظراً لحاجته للتفاعل الاجتماعي، والقيام ببعض المهام، كالقراءة بصوت مرتفع أو التفاعل مع الطلبة في الأنشطة المختلفة.
وتظهر الأعراض في البداية باختيار الطفل لأشخاص معينين للحديث معهم؛ ليكونوا بمثابة متحدثين بدلا عنه، و إحلال الرموز التعبيرية بدلا عن الكلام في بعض المواقف. مع وجود خجل وضعف في التواصل مع الآخرين. وتختلف شدة الأعراض من طفل لآخر، فالبعض قد يصمتون بشكل كلي مع الغرباء أو في المدرسة. ويستخدمون وسائل التعويض عن الكلام كإيماءات, أو إشارات, أو نظرات, بينما يعبر الأطفال الآخرون بطريقة أخرى باستخدام الهمس المنخفض لبعض الكلمات, أو بواسطة مقاطع كلامية مختصرة، مع الإشارات الجسدية التعبيرية. و أكثرهم يمكن أن يتحدثوا مع أشخاص لا يعرفونهم بشكل جيد، إذا لم يكونوا في وضع المواجهة معهم، كأن يتحدثوا من خلال الهاتف، وجميعهم يتكلمون بشكل طبيعي في المنزل مع الأشخاص الذين يألفونهم جيداً من أسرتهم.
وتبدأ أولى خطوات العلاج بالتعاون بين البيت والمدرسة؛ لتحفيز الطفل وإعادة ثقته بنفسه؛ ليتمكن من التعاون معهم في جو آمن، ليتجاوز مشكلته بشكل تدريجي، ومن المهم عدم إجبار الطفل على الحديث، سواء في البيت أو المدرسة، والاستعاضة عن ذلك بأنشطة يتفاعل فيها الطفل مع أطفال آخرين، أو مع من حوله عن طريق اللعب و التدرج في التواصل معه من الكتابة والرسم إلى الهمس كلعبة الهاتف مثلا. ثم توجيه السؤال لوسيط يثق به الطفل، ويجيب عن طريقه. المهم البدء باستخلاص كلمة واحدة من الطفل، ثم التدرج في استخراج كلمات وجمل أكثر منه، بتشجيعه على الكلام بالتعزيز لأي صوت منه مع عدم الضغط على الطفل للكلام. والعمل على تجاهل حالة الصمت للطفل، ومكافأته بمجرد أن ينطق ويستمر تعزيزه على كل كلمة ينطقها, مع ضبط النفس و الحفاظ على الهدوء من قبل الوالدين، و التحلي بالصبر، فكلها خطوات مهمة لمساعدة الطفل على تجاوز مشكلته، وعدم إشعاره بالقلق أو الرعاية الزائدة، أو الحديث عن المشكلة أمامة أو للآخرين بوجوده.
وكذلك من المجدي إحداث التغير والكلام في سلوك الطفل في أماكن الصمت، فإذا كان يصمت في المدرسة، فإنه من المهم أن يرافقه من يثق به ويتحدث إليه الطفل، ويبدأ بالحوار معه أثناء وجودهما في المدرسة وعند اصطحابه في الذهاب والإياب إليها. ومن الجيد أن تثني المعلمة عليه وعلى جمال صوته وعباراته في اليوم التالي.
إن وعي الأسرة والمدرسة بمشكلة الطفل، وتعاونهما مع المعالج النفسي في برنامج له خطوات واضحة، مع البحث عن سبب المشكلة لمعالجته نقطة مهمة للسير بالطريق الصحيح للعلاج.. وبصفة عامة كلما كان التدخل العلاجي في وقت أبكر، وسن أصغر يقلل من الحرمان الاجتماعي لديه، وبالتالي تصبح فرصته في التواصل والتخلص من المشكلة أفضل.

[/FONT]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

مخالفة مانع الإعلانات

نأسف متصفحك يقوم بعمل تعطيل للأعلانات وهذا هو مصدر رزقنا برجاء تعطيل إضافة الحجب والتصفح , لن تسطيع رؤية الصور والفيديوهات بدون تعطيل الحجب