السعادة الزوجية.. كنزٌ مفقود!..
هي نفسها التي تُرسل لها صديقتها على (الواتساب) صورةَ امرأةٍ محجبةٍ لم يبقَ جزءٌ من وجهها إلاواختلطت الألوان فيه.. تعاني من كَسْرٍ في الأنف.. وتخبرها أن هذه المرأة متعلّمة وزوجها كذلك ولم يمر على زواجهما سوى أربعة أشهر حسِبَتها دهوراً.. فقد بدأ مسلسلُ الضرب والتعنيف منذ اليوم الثاني من زواجهما ولاقت الأهوال.. ليُنقذها أخوها من بين يدَيْ زوجها بعد منتصف الليل ويعيدها إلى بيت أهلها..
لم تنسَ بعد ابنةَ صديقتها الرقيقة التي سافرت إلى زوجها في بلد أجنبي وكلها أمل بحياة رائعة سعيدة.. لتجد منذ الأيام الأولى أن البُخلَ والعُقَد النفسية تتآكلُهُ.. فكان يُبقيها في غرفتها الساعات ذوات العدد ويُقَتّر في الطعام ويشكّ في أيّ تصرّف تقوم به مع أنها لا تخرج حتى معه ولا تكلّم أحداً.. فكان بيتها كزنزانة إفرادية يلوح فيها بعض تعنيف من وقت لآخر.. كي تتربّى!!!
وبقيت تذوب شيئاً فشيئاً حتى زارتها صديقة العائلة هناك واكتشفت ما تعاني فهرّبتها وطلبت الطلاق!
وتلك الصديقة التي يحاول زوجُها جعلها تفكر كما يريد.. وتقوم بما يراه مناسباً دون تحرّي ما ترغب.. بعيداً عن الأمور التي تدخل فيها القوامة والطاعة.. بل ويَزْجُرها إنْ هي حاولت التفلّت أو إفهامه أنها غير راغبة لأسباب تتعلّق بشخصيتها أو نفسيتها.. دون جدوى!
هذه القَصَص الغريبة المؤلمة هي غيضٌ من فيض.. ولو سردنا كلّ ما نعايش ونسمع لنَفَدَ المداد وانقطع الرجاء! والسؤال الدائم الطرح: لِمَ؟ وأين الخلل؟! ما الذي انتاب الأزواج ليعيشوا على هذه الشاكلة؟! مَن المُلام؟! الأهل الذين لم يُرَبّوا كما يجب؟ أم أهل الزوجة الذين لم يسألوا عن الوافد الجديد ولم يستشيروا كما ينبغي ولم يستخيروا ربما.. أم أن المعاييرَ التي شجعتهم على التزويج ماديةٌ بحتة في زمن قلّ فيه (العرسان)! وأين كانت العروس في فترة الخِطبة عن دراسة شخصية مَن سيشاركها الحياة؟! هل درست المشروع فعلاً كما يجب أم قضت الأوقات في الحب والغرام والنزهات حتى إذا ما وقع الفأس في الرأس قالت: ماذا فعلتُ بنفسي؟!
أسئلةٌ كثيرة تتزاحم ويبقى السؤال الأكبر: هل السعادة صعبةُ المنَال إلى هذا الحد؟! هل هي نادرةٌ أم نحن مَن ضللنا طريقها؟! وهل مفرداتُها مبعثرة أم نحن مَن جهلنا ترجمتها؟!
لا شك أن المسؤولية في إيجاد السعادة تقعُ علينا جميعاً.. لأننا نتمتّع بالحرية.. في قرارِ الارتباط والاختيار ابتداءً.. ثم في كيفية التعاطي مع الحياة الجديدة وحلِّ المشاكل الزوجية وتعلُّم مفرداتِ الاستقرار الزوجي وإيجاد السبل لتحقيق المودة والرحمة والسكن.. والأهم هو السعيُ بحكمة وحبّ لامتلاك مفاتيح السعادة الزوجية.. ولو كلّف ذلك من الوقت والجهد الكثير.. فثمرة هذا التعب ستكونُ لذةً وراحةً نفسية…
لن أخوض في أسباب السعادة ولا في كيفية إيجادها.. فالكتب ومواقع الإنترنت مزدهرةٌ بالمعلومات والأفكار.. وكلّ نفسٍ أعلم بما تريد وبِما يسعدها.. ويبقى عليها أن تفتّشَ عما يُسعِد الطرف الآخر في العلاقة وتسعى جهدها لإسعاده بما يريد هو لا بما تريد هي! وبما يرغب هو لا ما تريد أن تفرضه عليه.. لأنها تعتقد أنه الأفضل! فحسابات كلّ من الطرفين قد تكون مختلفة.. ولا حاجة لِما يقدّمه طرفٌ يعتقد أنه باستطاعته إلزام الآخر به وأن عليه قبولَه! فمع الوقت وبعد أن يشعر بثِقَلِ الضغط سينسحب نفسياً أو جسدياً!!
ولئن كنتَ قد دخلتَ البيتَ الزوجي ويهمّك معرفةُ درجة السعادة لتطويرها وتجويدها فهناك استبيان موثوق ودقيق متوفر على الإنترنت يحدّد درجة السعادة.. بعد أن يطرح أسئلة عن مدى التقارب أو الاختلاف بين الزوجين في عدة مسائل أهمها: فلسفة الحياة، التعبير عن المشاعر، العلاقة الحميمة بين الزوجين، التعامل في الشؤون المالية، مسائل الترفيه، الأصدقاء، المصطلحات كالخير والتصرّف السليم وغيرها، وطريقة التعاطي مع الأصهار والحماة.. بالإضافة إلى أسئلة أُخرى تُنبئ عن مدى الانسجام والراحة في هذا الزواج.. وما يؤكّده هذا الاستبيان أن الثقة والمشاركة والعطاء والتوافق: كلّ هذه لها بالغ التأثير في السعادة الزوجية..
وقبل كل ذلك.. قد حدّد شرعُنا القويمُ مفرداتِ السعادة وكان لنا في حياة الحبيب عليه الصلاة والسلام خيرُ مثال تتجلّى فيه الروعةُ بأعلى مستوياتها..
آن الأوان لتقفَ وقفة مع نفسك ومَن يشاركك الحياة الزوجية.. لتتساءلا: هل نحن حقاً سعداء؟! ما الذي يُحبُّهُ الطرفُ الآخَر لأقومَ به وأحرص عليه؟ وما الذي يُضايقه لأمتنعَ عنه حتى لو فيه بعضُ رغبةٍ لي!
وتأكّدا.. أن السعادة الزوجية لا يمكن أن تتحقّق بكمالها إلا إذا كانت في ظل شريعة الله جل وعلا.. الذي خلق وشرّع الأفضل لِمَنْ خلق.. وركنُها الأساس الفهم الصحيح للدّين ومقاصده وتقوى الله والالتزام بما يفرضه من أخلاق.. كما أنزله الله!
وهي سنوات قليلة نقضيها في هذه الحياة.. فلتكن عيشَةً بمعروف وسعادة وطاعة.. لنظفَرَ في الدنيا والآخرة..
[/FONT]