ماذا حققت معركة طوفان الأقصى لفلسطين؟
ماذا حققت معركة طوفان الأقصى لفلسطين؟ سؤال يراود الكثيرين وخصوصاً بعد ما يحدث فى غزة من مجازر ووقوع شهداء كثيرين سوف نعرض فى هذا الموضوع بعض النقاط المهة للإجابة على هذا السؤال.
في صباح السابع من أكتوبر تفاجئ العالم بأسره وعلي رأسهم الكيان المحتل المدعو (إسرائيل) بهجوم مباغت وكاسح من “كتائب الشهيد عز الدين القسام” الجناح العسكري لحركة (المقاومة الإسلامية حماس)، كان هذا الهجوم عنيفاً وسريعاً جداً علي مستوطنات (غلاف غزة) بواسطة قوات (القسام) البرية، بالإضافة الي السلاح الجديد الذي أظهرته كتائب (الشهيد عز الدين القسام) وهو سلاح الجو.
بعد وقت قليل من هجوم كتائب (القسام) أعلنت فصائل المقاومة الأخرى الانضمام هي الأخرى الي المعركة، فبعد بداية الهجوم (القسامي) علي مستوطنات غلاف غزة أعلنت كتائب “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة (الجهاد الإسلامي في فلسطين) انضمامها رسمياً للمعركة جنباً الي جنب مع كتائب (القسام)، كما أعلنت ايضاً كتائب (المقاومة الشعبية) بجناحيها العسكريين “كتائب الشهيد أبو علي مصطفي” و “كتائب الشهيد عمر القاسم” انضمامها للمعركة، كما سارعت ايضاً “كتائب شهداء الأقصى” في (الضفة الغربية) الي اعلان النفير العام نصرة لإخوانهم المجاهدين في (قطاع غزة).
وفي المعركة التي أطلق عليها (محمد الضيف) وهو “القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام” اسم معركة (طوفان الأقصى)، استطاعت المقاومة تحقيق نجاحات مدهشة لم يكن يتوقعها أي أحد في العالم، كما استطاعت ايضاً تحقيق كل الأهداف المحددة للعملية وأكثر، مما جعله انتصاراً ساحقاً للمقاومة علي جيش الاحتلال الإسرائيلي.
كان الهدف الرئيسي لعملية (طوفان الأقصى) هو الثأر من الكيان المحتل بسبب الاعتداءات المتكررة والوقحة من المستوطنين علي المسجد الأقصى، وايضاً بسبب الاعتداء بشكل مستمر وهمجي علي الاسري الفلسطينيين في سجون الاحتلال، مما استوجب وقفة صارمة لتحريرهم من قبضة سلطات الاحتلال.
عدوان غاشم من الاحتلال علي غزة:
بعد نجاح عملية (طوفان الأقصى) في ايامها الاولي نجاحاً باهراً، وتحقيق كل الأهداف المطلوبة وأكثر، بدأ العدو الصهيوني هجوماً همجياً وحشياً بسلاح الجو مستعيناً بترسانة أسلحة أمريكية علي المدنيين في (قطاع غزة)، وايضاً علي مدينة (رفح).
كان الهجوم يستهدف بشكل واضح المدنيين في قطاع غزة، دون تفرقة بين صغير وكبير رجل أو امرأة، وعلي الرغم من علم الاحتلال الصهيوني الغاشم بأن رجال المقاومة الذي يدعي انه يستهدف موجودون في انفاق غزة تحت الأرض، الا انه استمر في عدوانه العنصري علي قطاع غزة، فيما وصفه كل السياسيون والمسؤولون بأنه “تطهير عرقي” لسكان قطاع غزة، وسط صمت دولي مخزي لكل دول العالم.
وصلت شدة هذا العدوان الي ارقام مفزعة، ففي خلال 33 يوماً تقريباً فقط وصل عدد الشهداء من المدنيين الي 10300 شهيد مدني حوالي 75% منهم من الأطفال والنساء، بالإضافة الي حوالي 27000 مصاب اغلبها أيضاً من النساء والأطفال، ومنها الكثير من إصابات البتر في الأطراف، كما تضرر اكثر من 49% من المباني في غزة واصبح عدد كبير منها غير صالح للسكن، ومنها احياء كاملة قد تهدمت بشكل كامل.
وكانت الكارثة الكبرى في قطع الاحتلال الصهيوني كل سبل الحياة عن (قطاع غزة) وعلي رأسها الطعام والشراب والدواء والوقود، وتم قطع التيار الكهربي تماماً عن (قطاع غزة)، ومنها المستشفيات في كامل القطاع، وهو ما سبب كارثة إنسانية جديدة، حيث ان هذه المستشفيات تكتظ بالمرضي والمصابين الذين لا يستطيعون تلقي الاحتياجات الطبية اللازمة الا في وجود الادوية والكهرباء، وهو ما تسبب في مشاهد قاسية جدا من عمليات بتر اطراف يتم عملها بدون تخدير، وعمليات جراحية دقيقة يتم عملها علي أضواء الهواتف المحمولة.
أما الكارثة الأكبر فقد كانت استهداف الاحتلال الصهيوني للمستشفيات، فقد واجه العالم مذبحة بشعة وجريمة حرب صارخة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بقصف مستشفى (المعمداني) في قطاع غزة والذي يأوي الاف النازحين، وتسببت هذه المذبحة في سقوط مئات الشهداء ومئات المصابين، وعلي الرغم من التنديد الواسع بهذه الجريمة البشعة الا ان الاحتلال واصل استهداف المستشفيات بلا توقف، ومنها مستشفى (الاندونيسي) ومجمع (الشفاء)، وكل المستشفيات في (قطاع غزة) حتي مستشفيات الأطفال، ليسقط الالاف بين شهيد وجريح.
ماذا حققت معركة طوفان الأقصى للشعب الفلسطيني:
علي الرغم من الخراب الكبير الذي وقع بغزة بسبب جيش الاحتلال الصهيوني وهجومه الغاشم علي قطاع غزة، وسقوط الاف الشهداء والجرحى، ونزوح اكثر من مليون فلسطيني من بيوتهم، الا ان معركة (طوفان الأقصى) استطاعت تحقيق مكاسب للقضية الفلسطينية والمقاومة غير مسبوقة، ويستعرض (جنتي) بعض هذه المكاسب:
1- سقوط أكثر من 2500 قتيل للعدو:
أعلن الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية معركة (طوفان الأقصى) عن سقوط اكثر من 2500 قتيل إسرائيلي، وعلي الرغم من تأكيد عدد كبير من الخبراء العسكريين أن هذا الرقم المعلن اقل بكثير من الرقم الحقيقي، الا انه حتي هذا الرقم لايزال كبير جداً ليعلن عن بداية مرحلة جديدة في الصراع بين المقاومة والاحتلال، لتصبح المقاومة قادرة علي مجابهة الاحتلال وتكليفه خسائر فادحة.
2- أسر أكثر من 250 أسير:
استطاعت المقاومة الفلسطينية في الأيام الأولي من معركة (طوفان الاقصى) أسر أكثر من 250 اسير من المدنيين والعسكريين وحتي قادات في جيش الاحتلال، موزعين بين 220 أسير بقبضة “كتائب القسام” و 30 اسير في قبضة “سرايا القدس” وبضع اسري في قبضة باقي فصائل المقاومة، وهو امر غير مسبوق في تاريخ الصراع الفلسطيني مع الاحتلال، لتصبح أرواح هؤلاء الاسري مقيدة بأرواح الاسري الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
3- تهجير أكثر من 500 ألف مستوطن:
قامت الحكومة الإسرائيلية بتهجير أكثر من نصف مليون مستوطن من منازلهم في مستوطنات غلاف غزة، وذلك خشية تكرار الهجوم علي المستوطنات مرة اخري كما حدث في صباح السابع من أكتوبر، بالإضافة الي صواريخ المقاومة المنطلقة من (قطاع غزة) بكثافة علي كافة انحاء الأراضي المحتلة، مما دفع الحكومة الي إقامة ملاجئ لهم في خيام بعيدة عن مناطق القصف والهجمات، بالإضافة الي اعلان حكومة الاحتلال ان مستوطنات غلاف غزة لا يمكن إعادة السكان اليها مرة اخري ابداً، وهو حدث غير مسبوق في تاريخ الصراع.
4- الحصول علي كنز معلومات من الموساد:
استطاعت “كتائب القسام” اثناء هجومها الكاسح في صباح يوم السابع من أكتوبر الوصول الي قواعد في غاية السرية تابعة لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد”، وقد اعترف خبراء عسكريون إسرائيليون ان هذه القواعد التي استطاع “القسام” الوصول إليها هي قواعد سرية للغاية لا يمكن لأي شخص عادي الوصول اليها، بينما استطاع “القسام” الوصول لها وأسر وقتل الضباط والجنود فيها، كما استطاعوا الحصول علي معلومات في غاية الأهمية من “الموساد”، وتم نقلها الي القيادات العليا.
5- لأول مرة يكون الغزو من المقاومة:
كان الحدث في صباح السابع من أكتوبر مختلفاً عن أي حدث غيره في تاريخ الحرب الفلسطينية لاستعادة الأرض، فقد كانت المقاومة للمرة الاولي هي المبادر بالهجوم وغزو مستوطنات غلاف غزة، كما استطاعت السيطرة عليها لعدة أيام وأسر عدد كبير منها، كما استطاعت القضاء علي القوات العسكرية الإسرائيلية فيها، واستطاع اغلبية المقاومين العودة الي مواقعهم في غزة بسلام، الا من استشهد اثناء المعارك ضد قوات الاحتلال، كما ان القوات البرية الإسرائيلية عاجزة الي اليوم عن السيطرة علي كيلومتر واحد داخل قطاع غزة، مما يجعل المقاومة هي الغازي الوحيد في هذه المعركة.
6- فضح ازدواجية المعايير عند الغرب:
أصبح واضحاً للعالم كله اليوم ان الغرب الذي لطالما ادعي التحضر والإنسانية ورقع رايات حقوق الانسان حول العالم، ان كل هذه الرايات والشعارات ما هي الا كذبة كبيرة، وعلي ارض الواقع فلا وجود لها الا مع بعض الفئات فقط، وان هذا الغرب المنافق يري سقوط الشهداء والجرحى بالمئات يومياً، ومع ذلك فانه لم يحرك ساكناً لوقف هذا الهجوم البربري الصهيوني، بل انهم قاموا بدعم الحكومة الإسرائيلية وتزويدها بالسلاح والأموال لتستمر في عدوانها علي المدنيين في غزة.
7- إعادة قضية فلسطين إلى مكانتها المحورية في الأمة:
بعد سنوات طويلة بدأ يتم فيها تهميش القضية الفلسطينية، وبعد خروج أجيال من الشباب لم تعد تكترث لأمر القضية واجيال اخري لا تعرف أصلاً وجود هذه القضية المحورية للأمة العربية والاسلامية، استطاعت معركة (طوفان الأقصى) تذكير الجميع بهذه القضية مرة اخري، وتذكيرهم بأن هذا العدو المحتل لا تحمل نواياه تجاه المسلمين والعرب في كل مكان الا الكراهية والعداء، كما أعادت ايضاً الأمل في قدرة الشعب الفلسطيني علي تحرير الأرض وطرد المحتل بأقل الإمكانيات، واظهرت الشتات الكبير جداً بين ممن يدعون انهم (شعب الله المختار)، وتخليهم عن الأرض كما يتخلى اللص عن المسروقات لكي يهرب من العدالة، وأخيراً ذكرتنا معركة (طوفان الأقصى) بأن وعد الله لنا قد اقترب، فقد وعدنا الله في قرأنه العزيز بأننا عائدون الي المسجد الأقصى مرة اخري في قوله تعالي:
“فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا”.