اشحن قلبك

ابنتي وقطعة الشيكولاتة

ذات يوم طلبت مني ابنتي الدكتورة خلود- هكذا أحب أن أناديها-قطعة من الشيكولاته فرفضت طلبها , فأعادت الطلبة مرة ثانية وثالثة حتى البكاء , وفي كل مرة كنت ارفض وبشدة إجابة طلبها ,و السبب أنها كانت تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة وكنت أخشى اذا اعطيتها قطعة الشيكولاته أن تزداد الحالة سوء عندها.
بعد أن هدأت الأمور واستسلمت ابنتي للنوم أخذت أفكر في هذا الذي كان بيني وبينها وذهبت بتفكيري إلى العلاقة بين العبد وربه , فهي ابنتي وأنا والدها القائم على أمورها من تربية ورعاية وتلبية لما تريد , لماذا رفضت طلبها بتناول قطعة الشيكولاته؟
فوجدت انها بعدم علمها بحالها وبما ستسببه تلك القعطة- اذا انا وافقت على طلبها- من زيادة ارتفاع الحرارة بل ومن الممكن ان يكون هاك مضاعفات اخرى , وبين علمي ويقيني ان تلبية ذلك الطلب ليس من صالحها وان الصالح لها هو رفض ما تطلبه.
والعلاقة التي اقصدها هنا بين العبد وربه هي علاقة الدعاء , فالله خالقنا وربنا ومدبر كل أمورنا وأمرنا ان نتوجه إليه بالدعاء وان نسأله كل حاجاتنا ” وقال ربكم أدعوني استجب لكم ” ” واذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان
وقال الله النبي صلى الله عليه وسلم ” من لم يسأل الله يغضب عليه ” وقال ايضا” ليسأل أحدكم ربه حاجته حتى يسأله الملح، وحتى يسأله شسع نعله إذا انقطع
لكن في بعض الأحيان ندعوا فلا يستجاب لنا أو تتأخر الإجابة عنده يظن الظان بربه سوء بأن الله لا يريد ان يعطية ويقول دعوت فلم يستجب لي وهذا فيه تعارض مع قول الله ” ادعون أستجب لكم ” وقوله “ أمن يجيب المضطر إذا دعاه” وفيها قال بعض السلف يستجيب الله للمضطر ولو كان كافرا –وتعارض أيضا مع حديث النبي صلوات الله وسلامه عليه حين قال “ إن الله يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا
ييقى هنا السؤال : لماذا أدعو فلا يستجاب ؟
الإجابة ظهرت لي من خلال هذا الموقف الذي كان بين وبين ابنتي فأحيانا يطلب أحدنا مالا , منزلا . سيارة بعينها , وظيفة ما, أو شيء كأن ما كان , فلا يجد إجابة بل ونجتهد في الدعاء إلى حد البكاء والتذلل لله ولا تكون هناك إجابة والذي علمته أننا نطلب بعلمنا أن ما نطلبه فيه خير لنا ومصلحة وهنا يتبين القدر البشري من القدر الإلهي فالله قال” وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبو شيئا وهو شر لكم” ثم ختم الله الآية بقوله “والله يعلم وأنتم لا تعلمون ” إذا ففي حال تأخر الإجابة على دعائنا الله بعلمه الذي أحاط كل شيء يعلم أن تأخير الإجابة فيه خير لنا والخير هنا على ثلاثة أحوال الأول تأخر الاجابة لحكمة يعلمها الله في الـتأجيل , الثاني أن يدفع الله عن العبد من البلاء بقدر دعائه , الثالث أن يدخر الله الإجابة إلى يوم القيامة فيكون الجزاء الأوفى عن تلك الدعوة
وهناك مسالة أخرى في تأخير الإجابة ان الله سبحانه وتعالى يحب ان يسمع صوت مناجاة عبده اياه وقد قرأت مرة ان الله يعجل اجابة الكافر لأنه لا يحب سما ع صوته
من هذا الموقف استفدت:
-الرضا بما قدره الله فالله يعلم وأنا لا اعلم بشرط ان يكون مع الرضى سعي وحركه لا استسلام بمعنى أن تبذل السبب في طلب ما تريد ثم ارضى بما قدر الله .
-حسن الظن بالله عند الدعاء وان تأخير الإجابة في ثلاثة أحوال من الخير ذكرت سابقا

عمار جلال[/color]
من سلسلة تأملات في الحياة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. سبحان الله … بالأمس فقط كنت أتحدث مع صديقتي بهذا الأمر
    أنه لولا الإيمان بأن الله أعلم بالخير لنا .. وأن له حكمة في كل أمر
    حتى لو أحزننا هذا الأمر وحتى لو لم نعلم ما هي الحكمة
    لولا الايمان بهذا والثقة واليقين في الحكمة الالهية لكل ما يصيبنا
    لما استطاع الكثيرون منا العيش
    ولا أكره أكثر من سماع جملة (ليه يارب عملت فيا كده)
    أشعر أن قائلها ليس فقط ضعيف الايمان .. لكن أيضا غبي

    جزاك الله خيرا أخي على الدرس المستفاد من موقف يومي عادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

مخالفة مانع الإعلانات

نأسف متصفحك يقوم بعمل تعطيل للأعلانات وهذا هو مصدر رزقنا برجاء تعطيل إضافة الحجب والتصفح , لن تسطيع رؤية الصور والفيديوهات بدون تعطيل الحجب