انا حبيت اليوم ناخذكم في رحلة نتعلم من خلالها فن الحوار
[FONT=Times New Roman]اللمسة الأولى[/FONT][FONT=Times New Roman] : الحوار من الأساليب التربوية المهمة [/FONT] [FONT=Times New Roman]”ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (النحل: من الآية125)” [/FONT] [FONT=Times New Roman]اللمسة الثانية :[/FONT][FONT=Times New Roman] الحوار هو الطريق الأمثل للإقناع والإقناع هو أساس الأيمان الذي لا يمكن أن يفرض فرضاً وأنما ينبع من داخل الإنسان . [/FONT] [FONT=Times New Roman]اللمسة الثالثة :[/FONT][FONT=Times New Roman] الأسرة المسلمة أولى المحاضن التربوية في الإفادة من أسلوب الحوار في غرس المفاهيم التربوية وتثبيت وتقوية الأسس العقدية وبناء الشخصية الإسلامية، والوقاية من نزغات الشيطان التي تطرأ على اللسان لا سيما وقد كثرت المشكلات الأسرية التي قد يكون من أسبابها في أحيان كثيرة، كلمة طائشة وعبارة نابية وحوار غاضب ولغ فيه الشيطان فكان بعد ذلك النزاع والخلاف والشقاق الذي انتهى بدوره إلى هجر وفراق؛بل ربما تحول إلى طلاق!! [/FONT] [FONT=Times New Roman]اللمسة الرابعة :[/FONT][FONT=Times New Roman] الحوار من المحاورة وهي المراجعة بالكلام وهو حديث يجري بين شخصين أو اكثر . [/FONT] [FONT=Times New Roman]” فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً (الكهف: من الآية34)” [/FONT] [FONT=Times New Roman]اللمسة الخامسة :[/FONT][FONT=Times New Roman] غاية الحوار [/FONT] [FONT=Times New Roman]معرفة الحقيقة والتوصل إليها , أو دفع الشبهة والفاسد من القول والرأي , وتحكيم الحق والعقل في أمر مختلف عليه فيتحول الخلاف إلى اتفاق والبغض إلى مودة أو إيجاد حل وسط يرضي الطرفين , والبحث عن الصواب في موقف , ولعل أهم غاية في الحوار في الآسرة هو نزع الخلاف الذي يورث البغض واستبداله بالاتفاق الذي يزرع الموده والمحبة فتجد البيت المؤمن يزينه نور الاتفاق والحق والعدل والمنطق السليم بعيداً عن العناد والجهل . والحمية لرأي فلان لأنه الأب او لأنه الأكبر بل يؤخذ الرأي الأصوب حتى وإن كان رأي طفل صغير , فان تعدد الآراء تعدد للرؤى فنختار الأصوب والأنفع لنجني بعد ذلك افضل وأصوب النتائج . [/FONT] [FONT=Times New Roman]اللمسة السادسة [/FONT][FONT=Times New Roman]: الخلاف ظاهرة طبيعية فلا تجعلها نهاية الحياة [/FONT] [FONT=Times New Roman]قال تعالى ” وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (هود:118) ” [/FONT] [FONT=Times New Roman]لابد للحق أن ينتصر لهذا علينا أن لا نتشدد لرأينا فنجعله وحده الصواب فقط وان كل ما سواه خطأ , لنطرح رأينا ونبدأ بتحليله وسماع الرأي الأخر , فقد تكشف لنا كلماته عن حقيقة كنا نغفل عنها فنعدل عن رأينا , لهذا أدعو كل أسرة مسلمة خاصة الزوجين أن لا يجعلوا الحوار حرب بل يجعلوها عصف ذهني يتعلم فيه الأقل خبرة من الأخر , ونحاول أن نكشف حقيقة رأينا هل هو صواب أم لا . ونختار الأنفع للحياة [/FONT] [FONT=Times New Roman]اللمسة السابعة :[/FONT][FONT=Times New Roman] مواطن الاتفاق [/FONT] [FONT=Times New Roman]لنبدأ أي حوار بمواطن الاتفاق قبل أن نبدأ بمواطن الاختلاف لان هذا يؤدي إلى زرع الثقة ونشر روح التفاهم , ليصبح الحوار هادفاً هادئاً … فالحديث عن نقاط الاتفاق يفتح أفاقاً من التلاقي والقبول والإقبال مما يقلل الفجوة ويردم الهوة ويجعل فرص الوفاق والنجاح أفضل . [/FONT] [FONT=Times New Roman]اللمسة الثامنة :[/FONT][FONT=Times New Roman] آداب الحوار [/FONT] [FONT=Times New Roman]1. أن يكون الكلام هادفاً إلى الخير. [/FONT] [FONT=Times New Roman]2. البعد عن الخوض في الباطل والمراد بالباطل كل معصية.. [/FONT] [FONT=Times New Roman]3. البعد عن المماراة والجدل. [/FONT] [FONT=Times New Roman]4. أن يحاور كل إنسان بما يناسبه شرعاً وعرفاً. [/FONT] [FONT=Times New Roman]5. التزام القول الحسن ، وتجنب منهج التحدي والإفحام . [/FONT] [FONT=Times New Roman]إن من أهم ما يتوجه إليه المُحاور في حوار ، التزام الحُسنى في القول والمجادلة ، ففي محكم التنزيل : [/FONT] [FONT=Times New Roman]{ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَن }(الاسراء :53) [/FONT] [FONT=Times New Roman]{ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن } (النحل: 125) . [/FONT] [FONT=Times New Roman]{ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً }(البقرة :83) . [/FONT] [FONT=Times New Roman]ا ينبغي من الانسان من استخدام ضمير المتكلم أفراداً أو جمعاً ؛ فلا يقول : فعلتُ وقلتُ ، وفي رأيي ، ودَرَسْنا ، وفي تجربتنا ؛ فهذا ثقيل في نفوس المتابعين ، وهو عنوان على الإعجاب بالنفس ، وقد يؤثر على الإخلاص وحسن القصد ، والناس تشمئز من المتعالم المتعالي [/FONT] [FONT=Times New Roman]6. الالتزام بوقت محدد في الكلام : [/FONT] [FONT=Times New Roman]ينبغي أن يستقر في ذهن الانسان ألا يستأثر بالكلام ، ويستطيل في الحديث ، ويسترسل بما يخرج به عن حدود اللباقة والأدب والذوق الرفيع . [/FONT] [FONT=Times New Roman]يقول ابن عقيل في كتابه فن الجدل : ( وليتناوبا الكلام مناوبة لا مناهبة ، بحيث ينصت المعترض للمُستَدِلّ حتى يفرغ من تقريره للدليل ، ثم المُستدِلُّ للمعترض حتى يُقرر اعتراضه ، ولا يقطع أحد منها على الآخر كلامه وإن فهم مقصوده من بعضه ) . [/FONT] [FONT=Times New Roman]7. حسن الاستماع وأدب الإنصات وتجنب المقاطعة : [/FONT] [FONT=Times New Roman]كما يطلب الالتزام بوقت محدد في الكلام ، وتجنب الاطالة قدر الإمكان ، فيطلب حُسن الاستماع ، واللباقة في الإصغاء ، وعدم قطع حديث المُحاور . وإنّ من الخطأ أن تحصر همَّك في التفكير فيما ستقوله ، ولا تُلقي بالاً لمُحدثك ومُحاورك ، وقد قال الحسن بن علي لابنه ، رضي الله عنهم أجمعين : [/FONT] [FONT=Times New Roman]( يا بنيّ إذا جالست العلماء ؛ فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول ، وتعلًم حُسْنَ الاستماع كما تتعلم حسن الكلام ، ولا تقطع على أحد حديثاً – وإن طال – حتى يُمسك ) . [/FONT] [FONT=Times New Roman]إن السماع الجيِّد يتيح القاعدة الأساسية لالتقاء الآراء ، وتحديد نقاط الخلاف وأسبابه . حسن الاستماع يقود إلى فتح القلوب ، واحترام الرجال وراحة النفوس وايجاد الحتلرام المتبادل، تسلم فيه الأعصاب من التوتر والتشنج ، كما يُشْعِرُ بجدّية المُحاور ، وتقدير المُخالف ، وأهمية الحوار . ومن ثم يتوجه الجميع إلى تحصيل الفائدة والوصول إلى النتيجة [/FONT] [FONT=Times New Roman]8. تقدير الطرف الأخر واحترامه : [/FONT] [FONT=Times New Roman]ينبغي في مجلس الحوار التأكد على الاحترام المتبادل من الأطراف والأفضل الأطراف فقط، وإعطاء كل ذي حق حقه ، والاعتراف بمنزلته ومقامه ، فيخاطب بالعبارات اللائقة ، والألقاب المستحقة ، والأساليب المهذبة . [/FONT] [FONT=Times New Roman]، لا ينافي النصح ، وتصحيح الأخطاء بأساليبه الرفيعة وطرقه الوقورة . فالتقدير والاحترام غير المَلَقِ الرخيص ، والنفاق المرذول ، والمدح الكاذب ، والإقرار على الباطل . [/FONT] [FONT=Times New Roman]ومما يتعلق بهذه الخصلة الأدبية أن يتوجه النظر وينصرف الفكر إلى القضية المطروحة ليتم تناولها بالبحث والتحليل والنقد والإثبات والنَّقص بعيداً عن صاحبها أو قائلها [/FONT] [FONT=Times New Roman]9. حصر المناظرات في مكان محدود : [/FONT] [FONT=Times New Roman]يذكر أهل العلم أن المُحاورات والجدل ينبغي أن يكون في خلوات محدودة الحضور ؛ قالوا : وذلك أجمع للفكر والفهم ، وأقرب لصفاء الذهن ، وأسلم لحسن القصد ، وإن في حضور الجمع الغفير ما يحرك دواعي الرياء ، والحرص على الغلبة بالحق أو بالباطل . [/FONT] [FONT=Times New Roman]ومما استدل به على ذلك قوله تعالى : { قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا } (سبأ:46) . [/FONT] [FONT=Times New Roman]10. الإخلاص : [/FONT] [FONT=Times New Roman]هذه الخصلة من الأدب متمِّمة لما ذكر من أصل التجرد في طلب الحق ، فعلى المُحاور ان يوطِّن نفسه ، ويُروِّضها على الإخلاص لله في كل ما يأتي وما يذر في ميدان الحوار وحلبته . [/FONT] [FONT=Times New Roman]اللمسة التاسعة :[/FONT][FONT=Times New Roman] أصول الحوار [/FONT] [FONT=Times New Roman]الأصل الأول : [/FONT] [FONT=Times New Roman]سلوك الطرق العلمية والتزامها من تقديم الأدلة المُثبِتة لصحة الرأي وأن تكون هذه الأدلة صحيحة . [/FONT] [FONT=Times New Roman]وفي هذين الطريقين جاءت القاعدة الحوارية المشهورة : ( إن كنت ناقلاً فالصحة ، وإن كنت مدَّعيّاً فالدليل ) . [/FONT] [FONT=Times New Roman]وفي التنزيل جاء قوله سبحانه : { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } وفي أكثر من سورة :البقرة :111 ، والنمل 64 . { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي } (الانبياء:24) . { قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (آل عمران:93) . [/FONT] [FONT=Times New Roman]الأصل الثاني : [/FONT] [FONT=Times New Roman]سلامة كلامِ المناظر ودليله من التناقض ؛ فالمتناقض ساقط بداهة . [/FONT] [FONT=Times New Roman]ومن أمثلة ذلك ما ذكره بعض أهل التفسير من : [/FONT] [FONT=Times New Roman]- نعت كفار قريش لآيات محمد صلى الله عليه وسلم بأنها سحر مستمر ، كما في قوله تعالى : { وَإِنْ يَرَوْا آيَةً [/FONT] [FONT=Times New Roman]يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ } (القمر:2) . [/FONT] [FONT=Times New Roman]وهو تناقض ؛ فالسحر لا يكون مستمراً ، والمستمر لا يكون سحراً . [/FONT] [FONT=Times New Roman]الأصل الثالث : [/FONT] [FONT=Times New Roman]ان تكون الأدلة واضحة محددة وليست تكرارا لصورة رأي الأنسان التي يدافع عنها [/FONT] [FONT=Times New Roman]الأصل الرابع : [/FONT] [FONT=Times New Roman]الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مُسَلَّمة . وهذه المُسَلَّمات والثوابت قد يكون مرجعها ؛ أنها عقلية بحتة لا تقبل النقاش عند العقلاء المتجردين ؛ كحُسْنِ الصدق ، وقُبحِ الكذب ، وشُكر المُحسن ، ومعاقبة المُذنب . [/FONT] [FONT=Times New Roman]أو تكون مُسَلَّمات دينية لا يختلف عليها المعتنقون لهذه الديانة أو تلك . [/FONT] [FONT=Times New Roman]وبالوقوف عند الثوابت والمُسَلَّمات ، والانطلاق منها يتحدد مُريد الحق ممن لا يريد إلا المراء والجدل والسفسطة . [/FONT] [FONT=Times New Roman]ففي الإسلام الإيمان بربوبية الله وعبوديَّته ، واتَّصافه بصفات الكمال ، وتنزيهه عن صفات النقص ، ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، والقرآن الكريم كلام الله ، والحكم بما أنزل الله ، وحجاب المرأة ، وتعدد الزوجات ، وحرمة الربا ، والخمر ، والزنا ؛ كل هذه قضايا مقطوع بها لدى المسلمين ، وإثباتها شرعاً أمر مفروغ منه . [/FONT] [FONT=Times New Roman]إذا كان الأمر كذلك ؛ فلا يجوز أن تكون هذه محل حوار أو نقاش مع مؤمن بالإسلام لأنها محسومة . [/FONT] [FONT=Times New Roman]فقضية الحكم بما أنزل الله منصوص عليها بمثل : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ … } (النساء:65) . { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } (المائدة:45) . [/FONT] [FONT=Times New Roman]وحجاب المرأة محسوم بجملة نصوص : [/FONT] [FONT=Times New Roman]{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } (الأحزاب:59) . [/FONT] [FONT=Times New Roman]وقد يسوغ النقاش في فرعيات من الحجاب ؛ كمسألة كشف الوجه ، فهي محل اجتهاد ؛ أما أصل الحجاب فليس كذلك . [/FONT] [FONT=Times New Roman]وأخيراً لا يجوزى إنكار المُسلَّمات والثوابت لان هذا مكابرة قبيحة [/FONT] [FONT=Times New Roman]الأصل الخامس : [/FONT] [FONT=Times New Roman]التجرُّد ، وقصد الحق ، والبعد عن التعصب ، والالتزام بآداب الحوار : [/FONT] [FONT=Times New Roman]إن إتباع الحق ، والسعي للوصول إليه ، والحرص على الالتزام ؛ وهو الذي يقود الحوار إلى طريق مستقيم لا عوج فيه ولا التواء ، أو هوى الجمهور ، أو الأتْباع .. والعاقل – فضلاً عن المسلم – الصادق طالبٌ حقٍّ ، باحثٌ عن الحقيقة ، ينشد الصواب ويتجنب الخطأ . [/FONT] [FONT=Times New Roman]يقول الغزاليّ أبو حامد : ( التعاون على طلب الحق من الدّين ، ولكن له شروط وعلامات ؛ منها أن يكون في طلب الحق كناشد ضالّة ، لا يفرق بين أن تظهر الضالّة على يده أو على يد معاونه . ويرى رفيقه معيناً لا خصماً . ويشكره إذا عرَّفه الخطأ وأظهره له ) .. الإحياء ج1 . [/FONT] [FONT=Times New Roman]ومن مقولات الإمام الشافعي المحفوظة : ( ما كلمت أحداً قطّ إلا أحببت أن يُوفّق ويُسدّد ويُعان ، وتكون عليه رعاية الله وحفظه . [/FONT] [FONT=Times New Roman]وما ناظرني فبالَيْتُ ! أَظَهَرَتِ الحجّةُ على لسانه أو لساني ) . [/FONT] [FONT=Times New Roman]وفي ذمّ التعصب ولو كان للحق ، يقول الغزالي : [/FONT] [FONT=Times New Roman]( إن التعصّب من آفات علماء السوء ، فإنهم يُبالغون في التعصّب للحقّ ، وينظرون إلى المخالفين بعين الازدراء والاستحقار ، فتنبعث منهم الدعوى بالمكافأة والمقابلة والمعاملة ، وتتوفر بواعثهم على طلب نُصرة الباطل ، ويقوى غرضهم في التمسك بما نُسبوا إليه . ولو جاؤوا من جانب اللطف والرحمة والنصح في الخلوة ، لا في معرض التعصب والتحقير لأنجحوا فيه ، ولكن لمّا كان الجاه لا يقوم إلا بالاستتباع ، ولا يستميل الأتْباع مثلُ التعصّب واللعن والتّهم للخصوم ، اتخذوا التعصب عادتهم وآلتهم ) ( 7 ) . [/FONT] [FONT=Times New Roman]والمقصود من كل ذلك أن يكون الحوار بريئاً من التعصّب خالصاً لطلب الحق ، خالياً من العنف والانفعال ، بعيداً عن المشاحنات الأنانية والمغالطات البيانيّة ، مما يفسد القلوب ، ويهيج النفوس ، ويُولد النَّفرة ، ويُوغر الصدور ، وينتهي إلى القطيعة . [/FONT] [FONT=Times New Roman]وهذا الموضوع سوف يزداد بسطاً حين الحديث عن آداب الحوار إن شاء الله . [/FONT] [FONT=Times New Roman]الأصل السادس : [/FONT] [FONT=Times New Roman]أهلية المحاور : [/FONT] [FONT=Times New Roman]من الحكمة والعقل والأدب في الانسان ألا يعترض على ما ليس له أهلاً ، ولا يدخل فيما ليس هو فيه كفؤاً . [/FONT] [FONT=Times New Roman]من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من كان على الباطل . [/FONT] [FONT=Times New Roman]من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يعرف الحق . [/FONT] [FONT=Times New Roman]من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يجيد الدفاع عن الحق . [/FONT] [FONT=Times New Roman]من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يدرك مسالك الباطل . [/FONT] [FONT=Times New Roman]إذن ، فليس كل أحد مؤهلاً للدخول في حوار صحي صحيح يؤتي ثماراً يانعة ونتائج طيبة .[/FONT] [FONT=Times New Roman]وكثير من الحوارات غير المنتجة مردُّها إلى عدم التكافؤ بين المتحاورين ، ولقد قال الشافعي رحمه الله : ( ما جادلت عالماً إلا وغلبته ، وما جادلني جاهل إلا غلبني ! ) . وهذا التهكم من الشافعي رحمه الله يشير إلى الجدال العقيم ؛ الذي يجري بين غير المتكافئين . [/FONT] [FONT=Times New Roman]الأصل السابع : [/FONT] [FONT=Times New Roman]قطعية النتائج ونسبيَّتها فلا يجوز لنا التشدد لرأي وأعتباره الصواب دون غيره: من المهم في هذا الأصل إدراك أن الرأي الفكري نسبيُّ الدلالة على الصواب أو الخطأ ، والذي لا يجوز عليهم الخطأ هم الأنبياء عليهم السلام فيما يبلغون عن ربهم سبحانه وتعالى . وما عدا ذلك فيندرج تحت المقولة المشهورة ( رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي الآخر خطأ يحتمل الصواب ) . [/FONT] [FONT=Times New Roman]وبناء عليه ؛ فليس من شروط الحوار الناجح أن ينتهي أحد الطرفين إلى قول الطرف الآخر . فإن تحقق هذا واتفقنا على رأي واحد فنعم المقصود ، وهو منتهى الغاية . وإن لم يكن فالحوار ناجح . إذا توصل المتحاوران بقناعة إلى قبول كلٍ من منهجيهما ؛ يسوغ لكل واحد منهما التمسك به ما دام أنه في دائرة الخلاف السائغ . وما تقدم من حديث عن غاية الحوار يزيد هذا الأصل إيضاحاً . [/FONT] [FONT=Times New Roman]وفي تقرير ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله : ( وكان بعضهم يعذر كل من خالفه في مسائل الاجتهادية ، ولا يكلفه أن يوافقه فهمه ) ا هـ . من المغني . [/FONT] [FONT=Times New Roman]ولكن يكون الحوار فاشلاً إذا انتهى إلى نزاع وقطيعة ، وتدابر ومكايدة وتجهيل وتخطئة . [/FONT] [FONT=Times New Roman]الأصل الثامن : [/FONT] [FONT=Times New Roman]الرضا والقبول بالنتائج التي يتوصل إليها المتحاورون ، والالتزام الجادّ بها ، وبما يترتب عليها . [/FONT] [FONT=Times New Roman]وإذا لم يتحقق هذا الأصل كانت المناظرة ضرباً من العبث الذي يتنزه عنه العقلاء . [/FONT] [FONT=Times New Roman]يقول ابن عقيل : ( وليقبل كل واحد منهما من صاحبه الحجة ؛ فإنه أنبل لقدره ، وأعون على إدراك الحق وسلوك سبيل الصدق . [/FONT] [FONT=Times New Roman]قال الشافعي رضي الله عنه : ما ناظرت أحداً فقبل مني الحجَّة إلا عظم في عيني ، ولا ردَّها إلا سقط في عيني ) ( 8 ) . [/FONT] [FONT=Times New Roman]اللمسة العاشرة :[/FONT][FONT=Times New Roman]1 -[/FONT][FONT=Times New Roman] أخطاء يكثر وقوعها في الحوارات الأسرية[/FONT] [FONT=Times New Roman]- الحوار في ظروف غير مناسبة: [/FONT] [FONT=Times New Roman]لكي يكون الحوار مؤثراً في النفوس، ومحققاً للأهداف التي يراد الوصول إليها، لا بد أن يتحين المرء الأوقات الملائمة، والأمكنة المناسبة، فلكل مقام مقال .. وعلى سبيل المثال: [/FONT] [FONT=Times New Roman]* تخطئ الزوجة التي تفتح باب الحوار (بل باب المشاجرة) مع زوجها وهو غضبان؛ ولذلك قال أحد الرجال قديما يوصي زوجته: [/FONT] [FONT=Times New Roman]* تخطئ الزوجة التي تفتح مع زوجها حواراً تطلب منه أشياء تريدها عند دخوله للبيت بعد فترة غياب في العمل لا تدري كيف قضاها الزوج! [/FONT] [FONT=Times New Roman]* يخطئ الزوج الذي فتح باب الحوار لتقويم زوجته أمام الأهل والأولاد والأقرباء. [/FONT] [FONT=Times New Roman]2- الاستئثار بالكلام: [/FONT] [FONT=Times New Roman]هناك بعض الأزواج لا يدع مجالاً للمحاورة داخل الأسرة، سواء كانت زوجة أو بنتاً أو أختاً إما لعرف خاطئ أو لتكبر في نفسه واعتداد بذاته وغرور برأيه. وإما لاحتقار واستصغار للمقابل.. [/FONT] [FONT=Times New Roman]ويتولد عن هذا الخطأ: البغض أو الكره للزوج أو العزلة عنه أو عدم القناعة بما يمليه عليهم، فإذا حضر الزوج التزم أهل البيت – على مضض- بما يريد وإذا خرج عادوا إلى ما يريدون بعد أن يحمدوا الله على خروجه!! [/FONT] [FONT=Times New Roman]أخي الحبيب: [/FONT] [FONT=Times New Roman]دع أهل بيتك يعبرون عن آرائهم بصراحة في حواراتهم معك، وأحط هذه الصراحة بسور من أدب الحديث الذي أجبنا به الإسلام، وها هو سيد البشر صلى الله عليه وسلم يسمح لزوجاته أن يراجعنه في القول فتدلي كل واحدة منهن برأيها وتعبر عما في صدرها بل وتدافع عن نفسها، فليس هو وحده الذي يتكلم في البيت. [/FONT] [FONT=Times New Roman]قالت زوجة عمر، وقد أنكر عليها عمر رضي الله عنه وعنها مراجعتها له بالحديث “إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه”. [/FONT] [FONT=Times New Roman]3- عدم ضبط النفس عند الحوار: [/FONT] [FONT=Times New Roman]وله مظاهر عديدة وصورة كثيرة منها: [/FONT] [FONT=Times New Roman]* بعض الأزواج ما إن تحاوره زوجته حتى يحمر وجهه وتنتفخ أوداجه، ويعلو صوته حتى يسمعه الجيران فضلاً عن الأولاد، فصدره ضيق لا يتسع لأحد ولو كان أقرب الناس إليه .. ، فما أعظمها من وصية تلك التي أوصى لقمان بها ابنه وهو يقول: (واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير). لقمان،الآية : 19 [/FONT] [FONT=Times New Roman]* الكلمات الجارحة والعبارات البذيئة: [/FONT] [FONT=Times New Roman]* الأحكام القاسية والعقوبات الجائرة: [/FONT] [FONT=Times New Roman]بعض الرجال ينهي حواره – أحياناً – بأحكام قاسية على زوجته وأبنائه، بل قد يصل به الحوار إلى الطلاق فيعض أصابع الندم حسرة على استعجاله بعد أن يرى بيته وقد تهدم بناؤه، وقوضت أركانه … الأطفال مع أمهم أو عند جدتهم أو عند الخادمة!!.. [/FONT] [FONT=Times New Roman]4- عدم الاعتراف بالخطأ: [/FONT] [FONT=Times New Roman]الإنسان بشر يخطئ ويصيب، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون”، وقد يعمل المرء عملاً يرى صوابه ثم يحاوره آخر فيتبين له خطأ ما فعل والمسلم أواب تواب، يرى أن الرجوع إلى الحق خير له من التمادي في الباطل، فلا تتحرج إذا حاورتك زوجتك في قضية ترى أن الحق لم يحالفك فيها أن تقول لها: لقد أخطأت!! [/FONT] [FONT=Times New Roman]فقد قالها عمر رضي الله عنه – إن صحت الرواية- : أصابت امرأة ، وأخطأ عمر. [/FONT] [FONT=Times New Roman]اللمسة الحادية عشر :[/FONT][FONT=Times New Roman]الخاتمة [/FONT] [FONT=Times New Roman]1. إن الأسرة المسلمة يمكن أن تجني من الحوار منافع عظيمة وفوائد عديدة نظرا لتعدد الأراء وأختيار الأصح والأنفع. [/FONT] [FONT=Times New Roman]2. بالحوار يمكن أن نغرس الإيمان بالله عز وجل، وصحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم. [/FONT] [FONT=Times New Roman]3. بالحوار يمكن أن نحل خلافاتنا ونتغلب على مشكلاتنا. [/FONT] [FONT=Times New Roman]4. بالحوار يمكن أن نعلم أولادنا الصدق في القول والأمانة في العمل. [/FONT] [FONT=Times New Roman]5. بالحوار يمكن أن نقوم الأخطاء ونصحح المسار. [/FONT] [FONT=Times New Roman]6. بالحوار يمكن أن ندعو لكل خير وننهى عن كل شر. [/FONT] [FONT=Times New Roman]قال تعالى: ” أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ (الحديد: من الآية16 )” وقال تعالى ” سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى “(الأعلى:13) ” صدق الله العظيم اللهم أهدنا وتقبل منا واغفر زلاتنا انك أنت الغفور الرحيم وصلى اللهم وبارك على حبيبنا محمد خير المرسلين القائل: [/FONT] [FONT=Times New Roman]” سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله الإمام العادل وشاب نشأ في عبادة ربه ورجل قلبه معلق في المساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه “. [/FONT]