اشحن قلبك

كل هذا حتماً سيمرّ

جمع الملك كل حكماء بلاطه، ثم طلب منهم طلباً واحداً؛ عبارة تُكتب فوق عرشه، ينظر إليها في كل آن وحين ليستفيد منها.
قال لهم موضحاً: أريد حِكمة بليغة، تُلهمني الصواب وقت شدتي، وتعينني على إدارة أزماتي، وتكون خير موجّه لي في حالة السعادة والفرح والسرور..

فذهب الحكماء وقد احتاروا في أمرهم، وهل يمكن أن تصلح حكمة واحدة لجميع الأوقات والظروف والأحوال.. إننا في وقت الشدة والكرب نريد من يهوّن علينا مصائبنا وبلاءنا، وفي حال الرخاء والسعادة نطمح إلى من يبارك لنا ويدعو بدوام الحال.

وعاد الحكماء بعد مدة وقد كتبوا عبارات وعبارات، فيها من الحكمة والعظة الشيء الكثير؛ لكنها كلها لم ترُق للملك.

إلى أن جاءه أحد حكماء مملكته برقعة مكتوب عليها “كل هذا حتماً سيمرّ”..

نظر الملك مليًّا في الرقعة؛ بينما أخذ الحكيم في الحديث: يا مولاي الدنيا لا تبقى على حال.. ومن ظنّ بأنه في مأمن من القَدَر فقد خاب وخسر..

أيام السعادة آتية؛ لكنها حتماً ستمرّ..

وسترى من الحزن ما يؤلم قلبك.. ويدمي فؤادك.. لكن الحزن أيضاً سيمرّ..

ستأتي أيام النصر لتدقّ باب مملكتك، وسيهتف الجمع باسمك الميمون؛ لكنها يا مولاي أيام، طالت أو قصرت.. ثم ستمر..
سترى بعينيك رفعة الشأن، وبلوغ المكانة العالية؛ لكن سُنّة الله في الكون أن هذا سينتهي ويمرّ..

البعض يا مولاي لا يفقَهُ هذه الحكمة؛ فيملأ الدنيا صراخاً وعويلاً حال العثرة، ويظن بأن كبوته هي قاصمة الظهر ونهاية المطاف؛ فيخسر من عزيمته الشيء الكثير، ويأبى أن يرى ما بعد حدود رؤيته الضيقة..

يحتاج حينها لمن يُثّبت عزيمته مؤكداً أن هذا حتماً سيمرّ؛ فلا يجب أن يرى العالم ذُلّ انكساره، وضعفه وهوانه..

والبعض الآخر يا مولاي ينتشي سعيداً فلا يضع في حُسبانه أن الأيام دُوَل؛ فيكون البَطَر والتطرّف في السعادة هو سلوكه وطبعه؛ ظانًّا بأنه قد مَلَك حدود الدنيا وما بعدها.

وحكمة الله يا مولاي أن كل أحوالنا، حسنا وسيئها، سرورها وحزنها، حتماً سيمرّ.

حينها تبسّم الملك راضياً، وأمر بأن تُنسخ هذه الحكمة البليغة، وتوضع؛ لا فوق عرشه فقط؛ وإنما في كل ميادين المملكة.. كي يتذكر كل من يراها أن دوام الحال من المحال.
منقول
عمار جلال

[/size][/color]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. فعلا كما يقولون بالبلدي (جاب من الآخر)
    فلو تذكرنا أن كل هذا سيمر في وقت الشدة والضيق لما حزنا
    ولو تذكرناه في وقت السعادة والفرح لما أمِنّا
    لكن مع الاسف لا نرى سوى ما نحن فيه وكأنه الدنيا وما فيها
    ساذكر هذه الكلمات وقت الضيق لتساعدني على الصمود
    جزاك الله خيرا أخي على القيمة والمعنى والعرض الشيق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

مخالفة مانع الإعلانات

نأسف متصفحك يقوم بعمل تعطيل للأعلانات وهذا هو مصدر رزقنا برجاء تعطيل إضافة الحجب والتصفح , لن تسطيع رؤية الصور والفيديوهات بدون تعطيل الحجب