قائمة المنقولات الزوجية كيف يراها الرجال والنساء؟
قضية المنقولات الزوجية من القضايا المهمة في المجتمع المصري، وهي مما توارثته الأجيال، حيث يعد ما يسمى عُرفا بـ”القائمة” من أهم عقود إتمام الزواج، ويعد عقد القائمة تاليا لعقد النكاح وربما مكملا له عند البعض، وبعض الزيجات تنتهي وتنقضي عراها قبل أن تبدأ بسبب الخلاف حول قائمة المنقولات الزوجية، والتي يعتبرها العرف في مصر حقا للمرأة يقدمه الزوج أو يشتركا الزوجان في إعداده أو تجهيزه، فيعتبر جزءا من مهر المرأة.
تعددت الرؤى حول هذه القائمة، ما بين الشباب المقبلين على الزواج، وبين المتزوجين بالفعل، إضافة إلى المحامين والدعاة، فكان لكل فريق وجهة نظر، تتقارب أو تتباعد مع وجهات النظر الأخرى، لكن الجميع أقر بضرورتها كعرف اجتماعي، لا يجب كسره، ولكن يمكن التدخل في شكله بالتخفيف منه، أو التقليل مما تحويه هذه القائمة أو الالتزام بما هو موجود بالفعل وهذا أقل ما يمكن!
هكذا يراها الشباب
الشباب المقبلون على الزواج كانوا أقل الشرائح المستطلعة معرفة بتفاصيل قضية المنقولات الزوجية، وكان لديهم إلمام عام بها ،لا يرقى إلى تكوين حكم بالرفض أو القبول، فبالرغم من أن محاكم الأسرة تعج بالكثير من قضايا تبديد المنقولات الزوجية، إلا أن هذه القضية لا تشغل بال الكثير من الشباب غير المتزوجين، كما يقول الشاب مصطفى الملاح الصحفي بجريدة الأخبار.
ويضيف مصطفى: لم أهتم كثيرا بقضية المنقولات الزوجية، بالرغم من أنه بين حين وآخر أسمع أو أشاهد خلافا حول هذه القائمة، خصوصا في أحوال الطلاق، لكنني في كل الأحوال لا أرفضها وأراها من وسائل تقديم حسن النية، ومادامت تحتوي على حقوق للزوجة فلم لا نقر بها ونحترمها.
فيما يراها خالد رزق ـ محاسب ـ من القيود التي يجب التخفف منها؛ لتشجيع الشباب على الزواج، خصوصا في ظل إعراض الكثيرين عن الزواج بسبب كثرة النفقات.
ويقول خالد: أتردد كثيرا في أن أضع سيفا على رقبتي، خصوصا ونحن نسمع الكثير من القصص التي يسجن فيها الأزواج بسبب هذه القائمة التي تكون الدعاوى فيها كيدية أحيانا كثيرة.
ويضيف: لا يمكن أن أنسى ما حدث مع أخي الأكبر، حين حمل عفش الزوجية أمام قسم الشرطة لامتناع زوجته عن استلامه! بدعوى أنه غير مطابق للمواصفات الموجودة بالقائمة، واضطررنا للذهاب والعودة به ثلاث مرات حتى تدخل المصلحون وأقنعوا أهل طليقته بقبول العفش الموجود، وإبراء ذمته.
الفتيات يرونها من أسباب العنوسة
وبالرغم من أن القائمة أُنشئت في أساسها لتنصف المرأة؛ إلا أن بعض الفتيات يرونها في غير مصلحة المرأة بالعصر الحديث، خصوصا أنها تجعل الشباب مترددين في الارتباط، وأنها مهما كانت مثقلة بالأثاث الثمين والنفيس، فإنها لا تمنع الزوج من إيقاع الطلاق بزوجته إذا استحالت العشرة بينهما.
وتقول ميرفت أنور ـ ربة منزل وأم لطفل ـ تزوجت قبل ثلاثة أعوام وكادت الزيجة تفشل قبل الزفاف بيومين فقط بسبب الخلاف حول بعض تفاصيل في قائمة المنقولات، ومنها أنبوبة الغاز أو البوتجاز!
وتشرح ذلك: عندما نقل أهلي العفش أو الجهاز من منزلهم إلى منزل الزوجية وجدت أم زوجي أن أنبوبة الغاز أو البوتاجاز غير موجودة بالرغم أنها مسجلة في القائمة، فقالت: لا بد من وجود كل ما هو موجود بالقائمة، وبدأ الجميع بالتدخل وكادت تحصل أزمة كبيرة لولا تدخل العقلاء.
أما أميرة توفيق ـ طالبة بكلية الإعلام ـ فتقول: لا شيء يعوض الفتاة إذا حدث الطلاق لا قدر الله، فلا أثاث ولا عفش ولا شيء أثقل على الفتاة من الفشل في حياتها الزوجية؛ لذلك أطالب أولياء الأمور بالتخفيف على الشباب، حتى نقلل من العنوسة، وإن كان لابد من القائمة كعرف اجتماعي، فلتكن في حدود المعقول، دون أن يترتب عليها ملاحقات قانونية، يكون الهدف منها الانتقام في الغالب، لأن ما تخسره الفتاة بسبب الطلاق لن يعوضه القضاء ولا الأحكام القضائية.
الآباء يتمسكون بها
الكثير من الآباء يرفض فكرة النقاش حول قائمة المنقولات الزوجية، ويرون أن النقاش فيها هو من قبيل التلاعب، ومن قبيل عدم الجدية، فيقول الأستاذ محمد عنتر مدرس بالمعاش: ما الذي يضر الزوج الجاد في أن يوقع على القائمة، التي تعد من أساسيات إثبات الجدية وحُسن النية.
وبالنظر للذين يلجؤون إلى الدعاوى الكيدية في حال حدوث خلاف بين الزوجين يقول: هؤلاء لا قياس عليهم، والأصل أن القائمة نوع من العرف الذي يقدر قيمة المرأة، ويحترمها وهو من التقاليد المعتبرة كالمهر تماما، تزيد وتنقص بحسب اختلاف المجتمعات.
ويضيف الأستاذ عنتر: القائمة نوع من تكريم الزوجة، وليست عبئا على الزوج بأي حال من الأحوال، إذ يكفي من الأب أن وافق إعطاء قطعة منه لرجل يظن أنه سيرعاها وسيحفظها، يكرمها إن أحبها، وإن كرهها لم يهينها.
ماذا قال المحامون؟
يقول المحامي صبري النبوي المحامي المتخصص في شؤون الأسرة: القائمة لا مفر منها، فهي من التقاليد الاجتماعية المتوارثة، ولها مواد مخصصة في القانون، درسناها في الكلية، ونتعامل معها حاليا بشكل يومي.
ويرى أنها من الأعباء الكبيرة على المحامين وعلى القضاة وعلى محاكم الأسرة في الوقت نفسه، ويفضل أن تكون شكلا اجتماعيا يعبر عن تقدير المرأة واحترامها دون الاستفادة منها في إقامة دعوى تبديد ضد الزوج!
ويوضح النبوي وجهة نظره قائلا: أغلب الحالات التي وقفت عليها في المحكمة في قضية المنقولات الزوجية، يكون الغرض منها الانتقام من الزوج ليس إلا، لأننا نرى أن بعض الزيجات تنقضي في احترام متبادل، والقليل من الأزواج من يعمد إلى إتلاف منقولات الزوجية، لذلك تبقى في كثير من الأحيان كالسيف المسلط على رقبة الزوج، يمكن للزوجة التلويح به حال أي خلاف بينهما، وتنسى الزوجة أن الزوج إذا رغب في طلاقها فلن تمنعه القائمة، وإن كانت قيمتها بالملايين، لذلك أرى أن تظل في إطارها الاجتماعي، دون أن يترتب عليها التمكن من إقامة دعوى؛ لأن البعض يستخدمها للأسف في الانتقام كما قلت سابقا.
وكيف يراها أهل الشرع؟
يقول الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر: قائمة المنقولات الزوجية قائمة باطلة؛ وفيها غش وتدليس؛ لأن الزوجة وأهلها لم يأتوا بها من الأساس، ولأن من أتى بها هو الزوج، وتكتب كدين عليه، فكيف يكون الزوج هو الذي اشترى محتوياتها، وهو من أثث بيت الزوجية، ثم تكتب عليه.
ويضيف الدكتور إدريس: بالإضافة إلى ذلك، فإن أكثر هذه القوائم تحتوي على أشياء لم تشتر أصلا، وليس لها وجود من الأساس وتكتب على الزوج كأمانة عنده، وهذا مخالف للشرع بالطبع.
إنما تأتي هذه القائمة ـ والكلام للدكتور إدريس ـ كنوع من أنواع التحذير لئلا يغامر الزوج في يوم من الأيام بإغضاب زوجته أو التلاعب معها، والحياة الزوجية أسمى من هذه الاشتراطات المسبقة، ولو أحسنا الاختيار من البداية لكانت علاقة حسنة، وبما يرضي الله تعالى، سواء أكمل الزوجان حياتهما الزوجية أو حدث ما يحول دون ذلك.
وحول وجود قائمة المنقولات الزوجية كعرف منذ عقود طويلة في مصر يقول الدكتور إدريس: ليكن ذلك. لكنه باطل خصوصا أنه يصادم الشريعة الإسلامية.
وحول نصوص القانون التي تناولت هذه القائمة، ونصت عليها ويحتكم إليها الزوجان عند الخصام، يقول: الواقع أن هذه القائمة لتحذير الزوج كما سبق وبينت، ونحن بحاجة إلى إعادة النظر في هذه القوانين لتتوافق مع الشريعة الإسلامية، وتنظم الحياة بشكل عملي يليق بمجتمع يحتكم لكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.