أنتِ وأسرتك

عد انصراف الأحبة.. انسان الي بديل

[FONT=Arial] عندما أمسك الفيلسوف اليوناني القديم ديوجين بمصباح في وضح النار،وأثار بفعلته سخرية الناس ، أوضح لهم أنه يبحث عن الإنسان ، كان هذا من قديم الأزل ، كان يبحث عن الإنسان ،الذي يشعر ويتفاعل، الإنسان بأخلاقياته التى تدور فى فلك الخير والحب والعدل ، وأشياء أخري افتقدناها في زمننا الأن
ومن فترة قريبة طالعتنا الصحف بخبرعن فريق من العلماء الفنلنديين، يعملون على تطوير إنسان آلى يمتلك من الخواص ما يمكنه من التعرف على المشاعر الإنسانية وما يجيش فى النفس مع فهم السلوكيات.

والسؤال المهم هنا ..هل اختفت بيننا مشاعر التفاهم والإحساس ببعضنا البعض كما يقول الكاتب الكبير أنيس منصور في كتابه :” قل لي يا أستاذ ” كم من أجسام تجاورت ، وقلوب تباعدت ” فهل نحن في حاجة فعلا إلي هذا الإنسان الآلي ؟

من الكتب قصة تدلل علي احتياجنا لمن يربت علي أكتافنا أو أيدينا حتي ولو بدون كلمات يحكيها شارلي شابلن في مذكراته،فيقول إنه دعا العالم العبقري ألبرت أينشتين مع زوجته إلي العشاء في البيت، وكان أينشتاين من هواة العزف علي الكمان، فدعا شابلن أربعة من عازفي الكمان المحترفين ليعزفوا الموسيقي لضيوفه بعد العشاء

وأحضر أينشتاين معه كمانه ليشاركهم العزف ، وعزف معهم بالفعل لكن العازفين لم يتحمسوا لاشتراكه معهم بسبب سوء عزفه، وبعد عدة مقطوعات استأذنوه في أن يعزفوا وحدهم لبعض الوقت لأنه يفسد عليهم الإيقاع فجلس إلي جوار زوجته وكانت سيدة بدينة عطوفا تعامله كابنها ولا تخفي فخرها بأنها قرينته وهو يتململ كالطفل ويسأل بصوت خافت متي يتاح له العزف مرة أخرى؟

فتربت زوجته علي يده بحنان وتشجعه وتقول له بصوت مسموع: ولا يهمك ..لقد عزفت أفضل منهم جميعا ! وشابلن وضيوفه يرقبون المشهد ويعجبون لحاجة هذا العبقري إلي لمسة تشجيع من زوجته تقنعه أنه يجيد العزف وبأنها فخورة به لذلك أفضل من لا شئ

يقول الشاعر فاروق جويدة في قصيدته أحزان ليلة ممطرة :” بين أعماقي حجر وأريد

صدراً لا يساومني على عمري ،، ولا يأسى على ماض عبر…

وهي نفس الحالة التي كانت سببا في تقبل فكرة وجود مثل هذا الإنسان الآلي واحتياجنا إليه تقول مي سعيد- ربة منزل-27 سنة :” أحيانا أحس أن الجدران والآثاث يفهمونني أكثر، ورغم أنني تزوجت عن حب من أربع سنوات لكن الحوار بيني وبين زوجي يكاد يكون مقطوعا وتغلب علي حياتنا الأمور المادية فقط من مطالب والتزامات، أحيانا احتاج إلي من يربت علي كتفي فلا أجد ،زوجي يأتي من عمله مجهدا ولا نتحدث سوي في مصروف البيت أو تدبير نفقات ابني الصغير ،نعم لو يوجد هذا الإنسان الآلي لحل مشكلتي ولوجدت من يشاركني مشاعري، بدلا من لاشئ .

رنا محمد- بكالوريوس- علوم 26 سنة تقول إنها لا تحتاج إلي هذا الإنسان الآلي ، بالرغم من أنها لاتجد فى أسرتها من يشاركها أفكارها واهتماماتها، فتحكي :”أجد في الفيس بوك سلوتي ،وأحيانا أجلس علي الإنترنت بالساعات أتحدث مع أصدقائي ،فوالدتي ووالدي علي المعاش ولا يوجد بيننا اتفاق وأختي لا تشاركني أي اهتمامات ،أحزن وأبكي علي الفيس بوك ،أجد من يشاركني شعوري أحيانا ويعلق أصدقائي علي ما أكتب، وهذا أفضل كثيرا من عدم وجود أحد يشعر بي !

مشاعر مصطنعة

أما سلمي جمال- بكالوريوس علوم- تقول:” أرفض فكرة الانسان الآلي،فأنا إن لم أجد الحب والاحتواء ممن حولي ومن أسرتي لن أبحث عنه بعيدا حتي لو كان انساناً آلياً ،لأنها مشاعر غير حقيقة ،حتي لو مررت بفترة من الوحدة فهذا طبيعي ،لأن هذه هي الحياة ،ليست كلها سعيدة وليست حزينة

وتشاركها في الرأي الكاتبة هدي جاد- عضوة اتحاد الكتاب -فتقول :” الإنسان الآلي هو من صنع الإنسان فأولي بنا نحن أن ننهض من أنفسنا ونحسن من علاقتنا بالآخرين ، ونعطف عليهم ونغمرهم بالعطف والحنان ،لأن هذا أفضل بكثير من مشاعر مصطنعة صنعناها بأنفسنا علي هيئة إنسان آلي، وتختم حديثها قائلة: ومن اضطرته ظروفه للعيش وحيدا فلنأنس بالقرب من الله وبقوة الإيمان والصبر سنتغلب علي الوحدة والله عزوجل من علينا بالقرآن الذي هو خيرربيع لقلوبنا وفيه شفاء للناس،فلنعمر قلوبنا بالإيمان .

حاجة الإنسان

الراحل عبدالوهاب مطاوع يقول :” العطف هو ما يحتاجه الانسان دائما من أقرب الناس إليه حتي ولو لم يعرف ذلك ، فالكل في حاجة إلي عطفك، وأنت في حاجة إلي عطف من حولك وأقرب الناس إليك لأنك إنسان ولأنك ضعيف مهما كانت لك من أسباب القوة والقدرة والتفوق كلنا هذا الرجل وهذه المرأة وهذا الإنسان الضعيف ،الخائف، البائس، الغريب في دنيا غريبة، المتلهف علي أن يضع رأسه علي صدر غيره،وأن يستمد الأمان والطمأنينة والسلام ممن يحب تماما كما يستشعر الطفل الأمان والإشباع في صدر أمه وفي حضنها.

فلا يجب أن نخجل من هذه الحقيقة ،ويوجد الحل في نصيحته قائلا :” كل علاقة إنسانية تحتاج إلي رعاية متبادلة من الطرفين للحفاظ عليها وتجديدها وإحيائها،لكيلا يجد الإنسان نفسه وحيدا في الحياة محروما من جنة الصداقة والمشاعر الإنسانية، وتبادل المجاملات والاهتمام الإنساني ،والحرص علي أداء الواجبات الاجتماعية وسيلة أساسية للحفاظ عليها ورعايتها .

توزيع الأدوار

وعن رأي علم النفس في افتقاد التواصل الفعلي و اعتماد الكثيرين علي الانترنت في التواصل مع الآخرين أو تمني وجود مثل هذا الإنسان الآلي لعدم وجود تواصل أسري ،يقول ا.د محمد سمير- رئيس قسم علم النفس بآداب المنيا سابقا – إن ذلك بسبب التقدم التكنولوجي ولكن المشكلة ليست في الأبناء ،بل في الآباء لعدم قدرتهم علي التواصل بشكل صحيح مع الأبناء،لأنهم يحتاجون إلي التواصل الحميمي والجاد وأيضا الدعابة،مما يجعل الأبناء يبحثون عن بديل آخر حتي لو وجدوه بصورة إدراكية فيجدونه في الانترنت ويقضون ساعات طويلة أمامه ومحادثة الغرباء أحيانا من أجل البحث عمن يسمعهم .

ويضيف د.سمير أن المشكلة تتلخص في الأمية الثقافية التي لا تعني المؤهل الدراسي، فكم من متعلم ولا يعي كيفية التعامل مع الأبناء أو الأشقاء ، مما يحدث فجوة في العلاقات الأسرية .

ولذا أنصح الآباء بتفعيل الحوار مع الأبناء وإيجاد لغة تواصل بينهم ، وسؤالهم عمن يحادثون علي النت ويجذبونهم للحديث معهم، فلو فكروا في شكل لغة التواصل بينهم ،ووضعوا هدفا محددا سينجح الأمر، ويختم حديثه ناصحا :” يجب انتقاء وتوزيع الأدوار علي مستوي ساعات اليوم الواحد من نوم ،وعمل ونزهة وحب وتقوية العلاقات بالآخرين وانترنت أيضا ، فلو نفذ ذلك سيقلل من الشعور بالوحدة وسيجد كل شحص وقتاً للتواصل مع أفراد عائلته والآخرين بشكل جيد

[/FONT]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى