انت وابنك المراهق
بسم الله الرحمن الرحيم
تعتبر تربية الأبناء مسئولية الأب والأم معاً ومن الخطأ إلقاء عبء مسئولية التربية على أحد الطرفين دون الأخر ، وعندما يخطو الأبناء أولى خطواتهم نحو المراهقة تكون الحاجة ملحة إلى تعاون الأب والأم حيث أنها مرحلة التغير من الطفولة إلى الرجولة أو الأنوثة فيجب على الأب و الأم تغيير معاملتهما للابن أو البنت، و إذا كان الطفل يتغير فلابد أن يتغير ذويه وبالذات الأب أو الأم في أسلوب التعامل معه.
فيا ترى ما هى الطريقة الصحيحة التى يجب أن يتعامل فيها الأب والأم مع الأبناء فى هذه المرحلة؟
مرحلة المراهقة هى توديع للطفولة والوقوف على أبواب الشباب وهى تعتبر من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان ومكمن الخطر في هذه المرحلة التي تنتقل بالإنسان من الطفولة إلى الرشد نموه المتفجر في عقله وفكره وجسمه وإدراكه وانفعالاته، حيث لخصه بعض المتخصصين بأنه نوع من النمو البركاني، حيث ينمو الجسم من الداخل والخارج معاً فسيولوجياً وهرمونياً وكيماوياً وذهنياً وانفعالياً، وهذه التغيرات في مظاهر النمو المختلفة (الجسمية والفسيولوجية والعقلية والاجتماعية والانفعالية والدينية والخلقية) يتعرض المراهقين فيها إلى صراعات متعددة، داخلية وخارجية.
مراحل المراهقة:
والمراهق لا يترك عالم الطفولة ويصبح مراهقاً فى يوم وليلة، ولكنه ينتقل انتقالاً تدريجياً، ويتخذ هذا الانتقال شكل نمو وتغير في جسمه وعقله ووجدانه. والمدة الزمنية التي تسمى “مراهقة” تختلف من مجتمع إلى آخر، ففي بعض المجتمعات تكون قصيرة، وفي بعضها الآخر تكون طويلة، ولذلك فقد قسمها العلماء إلى ثلاث مراحل، هي:
1- مرحلة المراهقة الأولى (11-14 عاما)، وتتميز بتغيرات بيولوجية سريعة.
2- مرحلة المراهقة الوسطي (14-18 عاما)، وهي مرحلة اكتمال التغيرات البيولوجية.
3- مرحلة المراهقة المتأخرة (18-21)، حيث يصبح الشاب أو الفتاة إنساناً راشداً بالمظهر والتصرفات.
ويتضح من هذا التقسيم أن مرحلة المراهقة تمتد لتشمل أكثر من عشرة أعوام من عمر الابن أو الابنه.
وبما أن هذه المرحلة مهمة فى تحديد شخصية الابن أو الابنه بقيه حياتهم فيجب على الأب والأم تعلم فن معاملة الأبناء فى هذه المرحلة ولكى نتعلم كيف نتعامل معهم لابد أن نتعرف على أهم المشكلات التى تواجه المراهق بصفة عامة.
– الصراع الداخلي بين أفكاره وآراءه ومتطلباته واحتياجاته وآراء وأفكار والجيل السابق.
– الإحساس بالغربه والوحده والتمرد حيث لا يشعر المراهق بفهم والديه لمشاعره وبالتالي تظهر لديه سلوكات التمرد والمكابرة والعناد والتعصب والعدوانية.
– الخجل والإنطواء فالتدليل الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعور المراهق بالاعتماد على الآخرين في حل مشكلاته، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن الأسرة ويعتمد على نفسه، فتزداد حدة الصراع لديه، ويلجأ إلى الإنسحاب من العالم الإجتماعي والإنطواء والخجل.
– السلوك المزعج مثل الصراخ واللجوء إلى الشتيمه والسرقة وضرب الصغار والخناق مع الكبار ليثبت ذاته ووجوده.
– العصبية وحدة الطباع فالمراهق يتصرف من خلال عصبيته وعناده، يريد أن يحقق مطالبه بالقوة والعنف الزائد، ويكون متوتراً بشكل يسبب إزعاجاً كبيراً للمحيطين به.
وحدوث هذه المشكلات ينتج عن عدم تعلم فن التعامل مع الأبناء ” المراهقين ” حيث أن التعامل مع الانن المراهق فن لا يتقنه إلا القلة القليلة من الآباء لذا يحدث الصراع بين الأب والابن ومن أبرز الأخطاء التى يقع فيها الآباء والآمهات عند التعامل مع الأبناء المراهقين:
– من أهم الأخطاء التى يقع فيها الأب والأم الانتقاد الدائم بدلا من زرع البديل الايجابي مثل “انت لا تصلح لشي” “أنت فاشل لا تحسن القيام بأي شئ “والكثير من العبارات المماثلة التي يستخدمها بعض الآباء في انتقاد المراهق. وبعض الآباء يعتقد ان الانتقاد هو من أساليب التربية غير مدرك الأثر السلبي الذي تتركه تلك الانتقادات في نفسية المراهق، حيث تعطيه الشعور بأنه بلا قيمة وأنه عالة على المجتمع وأن وجوده أو عدم وجوده لا يشكل فرقاً كبيراً وأن أي تصرف يمكن ان يقوم به لن ينال الرضا مهما حاول فيقتل فيه حب التميز والاصرار والثقة بالقدرة الذاتية على النجاح.
– إلقاء الأب والأم الأوامر بدلاً من لغة الحوار مع الأبناء، وقطع أى فرصة للحوار بجمل مثل (لا تناقشني أنا والدك وأنا أدرى بمصلحتك منك)، (أنت ما زلت صغيراً، ولا تدري ماذا تفعل).
– تجاهل الأب والأم للابن المراهق وتجاهلهم لمشاعره وأحاسيه وأراءه وضعف المقدرة على التواصل معه. وكذلك مقارنة المراهق بمن هم في مثل سنه فقد يعتقد الآباء أن المقارنة بين ابنه وبين ابن الجيران مثلاً أو ابن الخالة او ابن العم أو حتى بين اخوته الأكبر منه سنا الذين عبروا مرحلة المراهقة دون مشاكل طريقة لتحفييز هذا المراهق ليصبح أفضل.يجب التذكر أن المراهق عنيد ومعتز بنفسه ويحب التميز عن غيره وأن مقارنته بغيره تعد إهانة له حتى لو كانت صحيحة.
– التركيز دوماً على سلبيات المراهق، وتجاهل إيجابياته وخصوصاً عندما يحدث ذلك أما الأخرين فإنه له تأثير سلبى كبير على التكوين النفسى لشخصيته.
– حصر جميع مشاكل الابن المراهق فى مشاكل الدراسة والتحصيل العلمي، وغير ذلك لا يعد مشكلة في نظر الأب والأم، وذلك فيه ظلم للمراهق وللتغيرات الكبيرة التي يمر بها وتؤثر على طريقة تفكيره ومشاعره وسلوكياته، وتؤسس لبناء شخصيته.
– الاعتماد التام على الأم في التربية حيث أن صعوبة التفاهم بين الأب والمراهق، وقلة التواصل بينهما تجعل الأب يوكل أمر تربية الابن أو الابنة في مرحلة المراهقة إلى الأم لظنه أن الأم أقدر على استيعاب التغيرات التي يمر بها المراهق، والتعامل معها. وهذا معتقد خاطئ، فشخصية الأب الديناميكية في هذه المرحلة تؤثر كثيراً على نضج ووعي المراهق وعلى الإشباع العاطفي والثقة بالنفس التي يحتاجها الأولاد والفتيات على حد سواء.
– منع الحرية عن المراهق فكرة يستخدمها الكثير من الآباء على اعتبار أن المراهق بحاجة إلى ترويض، وأن هذا الترويض لا يأتي إلا بتحديد حرياته وتقييد حركاته، لكن ما يغيب عن أذهان هؤلاء الآباء أن هذا الأسلوب يولد لدى المراهق الانفجار (فكل ممنوع مرغوب) وما لا يستطيع المراهق عمله أمام أهله سيقوم به من وراء الأهل . وعلى النقيض قد يجد بعض الآباء أن إعطاء المراهق الحرية المطلقة في التصرف هي الأسلوب الأنسب للتعامل معه، بحجة أن ما سأمنعه عنه الآن يستطيع أن يقوم به لاحقا وأن الأفضل أن أكون على دراية بما يقوم به ابني ولو عن بعد واترك له القرار المطلق. لكن يجب على الأهل أن يوازن بين الحرية والرقابة ويقدم الارشاد اللطيف لا النصائح الثقيلة والمحاضرات اليومية والتي تكتظ بكلمات (افعل ولا تفعل) ولا تضغط المراهق.
– عدم وجود نظام متفق عليه للتربية بين الأم والأب حيث توجد الكثير من القرارات المتناقضة بين الأب والأم ولكن يجب على الأبوين معاً التأكيد على الالتزام بموقف واحد أمام الأولاد مهما حصل، وأي نقاش حول موضوع معين لابد أن يكون بينهما دون تواجد الأولاد، فالتناقض يقلل من احترام المراهق لوالديه ويزعزع ثقته بقراراتهما ، ومع تكرارها تصبح الأوامر والنصائح بلا فائدة للمراهق.
– عدم إظهار الأب والأم عواطفهم ومشاعرهم تجاه أبنائهم المراهقين حيث يجد الآباء الصعوبة في إظهار مشاعرهم تجاه أبنائهم المراهقين على اعتقاد أنهم قد اصبحوا أكبر سنا وقد يشعرون بالإحراج إذا ما أظهر الأب بعض العاطفة ,كأن يقبل ابنه او ان يجلسه بجانبه يمازحه ويضاحكه ويحتضنه,فلا تخجل عزيزي الأب من حق طفلك وطفلتك عليك .وتذكر انهم سيتعلمون منك التعبير الصحي عن المشاعر وعدم الخوف أو الخجل من ذلك.
التصرفات الخاطئة السابقة فى التعامل مع الابن أو الابنه المراهقين لابد أن تستبدل بتصرفات صحيحة مثل:
– المراهق يجب أن يعامل معاملة رجل والبنت يجب أن تعامل معاملة امرأة وبهذه المعاملة التربوية الجيدة يخف الصراع الذي يحدث بين الأب والأم وبين الابن والبنت.
– يجب أن ينتبه كلاً من الأب والأم وهي تقدم النصيحة للمراهق أن تقدمها له وحده دون تدخل من أخواته أو زملائه بحيث يحفظ كرامته، فالمراهق لم يكبر بعد إلى تلك الدرجة من النضج ليضحك مع الآخرين على نفسه إذا أخطأ وهو يأخذ الأمور بجدية ولا يحب أن يكون محلاً للسخرية أو العطف، ولذا فنحن نفضل الانفراد به عندما نرغب في توجيه نظره وتقديم النصح إليه.
– لابد أن يستوعب الأب والأم أهمية وجود الأصدقاء في حياه المراهق فالأصدقاء هم العائلة الجديدة، فكل ما يفعله ويقوله أصدقاء ابنك سيؤثر فيه بشكل أو بآخر. تقبل وجود أصدقاء في حياة ابنك وإذا أردت أن تنتقد شيئا لا يعجبك عبر عن ذلك بلطف وبهدوء. وكثيرا ما يميل الأبناء لاختيار أصدقاء مميزين يبهرون بهم آباءهم.
– كن صديق لابنك وأب أيضا وكونى صديقة لابنتك وأم فإن مفتاح العلاقة الناجحة في هذه الفترة هو الاحترام. إذا أظهرت لابنك احترامك لرغباته واختياراته وكذلك تقبلك لكل التغيرات التي ستحدث في شخصيته، مع قدر من الحزم والحب، فسوف ستكسب ابنك إلى صفك،وستكون أنت مصدر الأمان ومن سيلجأ إليه ابنك عندما يمر بأي أزمة.
– علم ابنك أو بنتك مهارات الحياة وكيف يختار حياته فمثلاً انقل لابنك خبرتك في الحياة، علمه مبادىء ومهارات التعامل مع النوعيات المختلفة مع الناس، وكيف يتعامل فى المواقف المختلفة . علمه كيف يقود سيارة، كيف يختار وظيفة، كيف يتصرف في المال، كيف يختار كليته.. كل هذا سوف يقربك أكثر من ابنك، ويجعله يثق بك.
– شجعه ابنك على القيام بنشاطات منزلية حيث أن المراهقون يميلون للخروج من البيت إلى أماكن مختلفة مع أصدقائهم، لا يهم أين، حتى أنهم يتسكعون في الشوارع بلا هدف. اجعل البيت مكانًا مناسبًا لابنك في هذه المرحلة حتى يمكنه قضاء أطول وقت فيه وأيضا استقبال أصدقاءه.
– وأعلم أيها الأب أن وجود العلاقة القوية بينك وبين ابنك في تلك المرحلة الحرجة، مهم جدا لنفسية الابن، فتلك العلاقة تدعم ثقته بنفسه، وتعطيه طاقة إيجابية. فإذا استطاع الأب أن يكون صديقا لابنه، سيكون الشخص الذي يلجأ إليه الابن، وستستمر تلك العلاقة قوية حتى بعد أن يكبر الابن ويستقل. فاعمل دائماً على أن تستثمر وقتا ومجهودا لأجل ابنك ولا تبخل عليه بعلاقة صداقة قوية مع أبيه، وأعمل على إنشاء هذه العلاقة منذ الصغر مثلا لو ذهب الابن مع والده الى المسجد للصلاة او لاداء واجب عقد قران باحد المساجد او لزيارة مريض او زيارة صلة رحم يربى الطفل والمراهق تربية ايجابيه على الواجب والتدين ويرتبط بوالده والاسرة ويستغنى عن اصحاب السوء.
نرجو أن يكون الموضوع شامل لكل أب وأم لمعرفه هذه المرحلة الهامة فى حياه الأبناء وطرق التعامل معهم طريقة صحيحة تجعل منهم شباب صالحين وشابات صالحات ذو شخصية قوية.
ويسعدنا إضافة خبراتكم إلى الموضوع حتى يستفيد الجميع.
وانتظرونا دائما مع كل ما هو جديد ومفيد.
موضوعات تهمك:
الأسلوب الأمثل للتعامل مع الطفل العنيد و الشقي و العصبي
تجنبى الأساليب الفاشلة فى تربية الولد
المراهقة لدى الفتيات – مرحلة الازعاج الأسرى
الشجار في الصغر تضامن في الكبر