الوقت أنفاس لاتعود
أبعثها إلى الشباب عامة … و إلى من ضيعوا أوقاتهم خاصة فيما لا فائدة خاصة . كلمات ابعثها لعل القلوب ترق … و لعل العقول تفيق … ولعل العيون تبكى … فهيا بنا نهز النائمين … و نقول لهم مالكم هكذا غافلين ؟! … قوموا فاسلكوا دأب الصالحين … وابكوا بالقلوب قبل العيون … على زمان الغفلة المحزون .
أما بعد:
فو الذي أمات و أحيا … و الذي أبكى و اضحك … إني أحبك في الله … و لكن كما تعلم … فأنا لا أحب فيك معصيتك .و لقد رأيت تبديدك للوقت بلا مبالاة … و تغافلك عن كل صالح و رشيد … أحد الأمراض التي ابتلاك الله بها . نداء:
إلى كل من سهر أمام التلفاز… لمشاهدة المسلسلات والأفلام و الفاتنات من الفتيات المتبرجات… إلى كل أخ إلى كل أخت، أقول لكل من هما…
انتبه من غفلتك هذه فهي عليك دمار لم تدركها اليوم و لكن ستدركها غدا .
سؤال؟
وأسألكم أيها الشباب هل قضيتم دقيقة في رضا الله أم في غضبه؟ .
فأنا أحبكم في الله, فالحب في الله… بدون نصح لا يجدي بفائدة… فأنا لكم ناصح أمين… راجيا أن يرحمنا ربنا برحمته و يجمعنا و إياكم في مستقر رحمته . فوددت الحديث معك في ذلك … و الله اسأل التوفيق و السداد .
اسمع هدانا الله و إياك .
الوقت فيه العبر … الوقت فيه العظات… زمن تحصيل الأعمال الصالحة أيها الغافلون:
” اعلموا إنما الدنيا لعب ولهو و زينة و تفاخر بينكم و تكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما و في الآخرة عذاب شديد و مغفرة من الله و رضوان و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور “(19) الحديد .
إن رأس المسلم في هذه الدنيا وقت قصير… وأنفاس محدودة… وأيام معدودة… فمن استثمر هذه اللحظات و الساعات في الخير … فطوبى له… و من أضاعها و فرط فيها… فقد خسر زمنا لا يعود إليه أبدا, و في هذا العصر الذي تفشى فيه العجز… و ظهر فيه الميل إلى الدعة و الراحة… جدب في الطاعة… وقحط في العبادة… و إضاعة للأوقات فيما لا فائدة.
و نلاحظ في زمننا هذا الجهل بقيمة الوقت و التفريط فيه… أصبح الوقت زمن الدعة… زمن الكسل… هذا العصر هو العصر الذي ماتت فيه الهمم… و خارت فيه العزائم… تمر الساعات و الأيام و لا يحسب لها حسابا, بل إن هناك من ينادى صاحبه لكي يقضى وقت فراغ.
آخى هل لدى المؤمن وقت فراغ ؟
قال تعالى:
“والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر “(1-3) العصر.
أقسم الله تعلى بالعصر وهو الدهر الذي هو زمن تحصيل الأعمال والأرباح للمؤمنين… وزمن الشقاء للمعرضين… و لما فيه من العبر و العجائب للنظريين. ولبيان أهمية الوقت وأثره نجد أن المولى تعالى اقسم في مطالع عديدة منها:
“و الفجر وليال عشر والشفع والوتر و الليل إذا يسر “(1-4)الفجر .
و اقسم بها لكي يبين لنا أهمية الوقت في كل زمان و مكان… و لا يوجد شي أنفس من العمر… و عمر الإنسان قصير لا يتجاوز عشرات من السنين… فسيسأل عن كل لحظة فيه و عن كل وقت نام فيه وعن عبادة الله و عن كل عمله فيه. قال صلى الله عليه و سلم:
لا تزول قدمي عبد يوم القيامة حتى يسال عن أربع خصال:
” عن عمره فيما أفناه , و عن شبابه فيما أبلاه , وعن ماله من أين اكتسبه و فيما أنفقه , وعن علمه ماذا عمل فيه ”
و أكد على ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله اغتنم خمسا قبل خمس :
” شبابك قبل هرمك , و صحتك قبل سقمك , وغناك قبل فقرك , وفراغك قبل شغلك , و حياتك قبل موتك ”
و من جهل قيمة الوقت الآن فسيأتي عليه حين و سيدرك قيمته… وقدره… و أنفاسه, و لكن بعد .
” و جاءت سكرة الموت بالحق فذلك ما كنت منه تحيد ”
وفى هذه يذكر القران موقفان يندم عليه الإنسان :.
الأول: ساعة الاحتضار حيث يستدبر الإنسان الدنيا و يستقبل الآخرة و يتمنى لو منح من الزمن و آخر إلى أجل قريب ليصلح ما أفسده و يدرك ما فاته .
الثاني : الآخرة حيث توفى كل نفس ما عملت و تجزى بما كسبت ويدخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار حيث يتمنى أهل النار لو يعودون “قال ربى ارجعون لعلى اعمل صالحا فيما تركت”
هيهات هيهات لما يطلبون .
” كلا إنها كلمة هو قائلها و من ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ”
فقد انتهى زمن العمل وجاء زمن الجزاء .
” فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون و من خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ”
ولننظر إلى سلفنا الصالح… كيف استفادوا من وقتهم ؟
قال عبد الله بن مسعود:
ما ندمت على شي ندمى على يوم غربت فيه شمسه نقص فيه أجلى و لم يزد فيه عملي. إن الساعات ثلاث:
1- ساعة مضت لا تعب فيها على العبد كيفما انقضت في مشقة أو رفاهية .
2- ساعة مستقبلة لم تأتى بعد… لا يدرى العبد أيعيش إليها أم لا يدرى ما يقضى الله فيها .
3- ساعة راهنة ينبغي أن يجاهد فيها نفسه و يراقب فيها ربه و لما تأتي الساعة الثانية استوفى حقه كما استوفى حقه من الأولى .
قال قتادة بن خليد :
المؤمن لا تلقاه إلا في ثلاثة خلال : مسجد يعمره , أو بيت يستره , أو حاجة من أمر دينه لا بئس بها.
نداء:
أبعث إلى كل أخ إلى كل أخت… إلى من ناموا وتقاعسوا عن طاعة الله … إلى من لم تعرف عيونهم الكرى… ولا لقلوبهم الطمأنينة و السكينة … إلى أحبائي في الله .
فيا شباب الأمة… لماذا التراجع و الكسل؟… لماذا لا تكن عزائمكم قوية … وقلوبكم مطمئنة … ولماذا لا تنام أعينكم ؟. إن الله يفرح بتوبة عبده إذا رجع أليه و أنت لا ترجع إلى الله و تقف بين يديه وتقول إلاهى إلاهى . الله كل يوم يناديك في كل وقت … وفى كل دقيقة … وفى كل نفس تتنفسه … وأنت لا تجيب… لماذا التقاعس و الكسل؟
آلا تحب أن يرضى الله عنك و يرحمك و يدخلك جنته؟ إذن اسع إلى رضا الله… و حبه… وحب من يحبه… و حب أي عمل يقربك إليه .
تذكر فيا لنجاة المتذكرين … و أقبل فيا لنور المقبلين … و اجعل من حياتك وقفات تسأل فيها نفسك … ماذا أريد؟ والى أين المصير؟ ! هل قدمت ما ينفعك يوم موقفك بين يدي ربك أم كنت من اللاهين ؟! هل اغتنمت فرص عمرك أم كنت من الخاسرين؟!
نسال الله صلاحا عاجلا إنما الغافل في البلوى هلك
و كفانا ما مضى من بؤسنا ربنا اكشف ما بنا فالأمر لك
و أخيرا:
نسال الله السداد و التوفيق و نسال الله أن يرقق قلوب المسلمين أجمعين … ومن قرأ هذه الرسالة … وأن يجعله في ميزان حسناتنا إلى يوم الدين …
منقول للامانة