أبوها: خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وخويلد هذا جد الزبير بن العوام.
أمها: فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن هدم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وفاطمة هذه هي عمةابن أم مكتوم.
ولدت سنة 68 قبل الهجرة 556 م في مكة، لكن هذا يتعارض مع سنها حين وفاتها وهذا ما أثبته البيهقي أن خديجة عنها توفيت وعمرها خمسين سنة، وهو أصح [1]. وقال الحاكم: “أنها لم تبلغ الستين سنة” [2]. وقد مات والدها يوم حرب الفِجَار.
يروى أنها تزوجت مرتين قبل زواجها بمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من سيدين من سادات قريش هما: عتيق بن عائذ المخزومى وقد انجبت منه ابنة(هند)، وأبو هالة بن زرارة التميمي وأنجبت منه جاريه وغلاما (هالة، هند). لكن هذه الرواية تعارضها عدة أقوال لجملة من المؤرخين نذكر منها:
ذكر البلاذري [3]: “وكانت مسماة لورقة بن نوفل”. وكأن البلاذري يريد أن يقول تلميحًا لا تصريحًا أن خديجة كانت بكرا عند زواجها من محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال العصامي: وكانت قد ذكرت وهي بكر لورقة بن نوفل فلم يقض بينهما نكاح [4].
وذكر أبو نعيم الأصبهاني [5]: أن خديجة كانت “امرأة باكرة” عندما خرج النبي صلى الله عليه وسلم بتجارتها إلى الشام، وهذه إشارة إلى أنها لم تتزوج من أحدٍ قبله.
وقد كانت خديجة تاجرة ذات مال، وكانت تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة، فبلغها أن محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يدعى بالصادق الأمين وأنه كريم الأخلاق، فبعثت إليه وطلبت منه أن يخرج في تجارة لها إلى الشام مع غلام يدعى “ميسرة”، وقد وافق.
زواج السيدة خديجة من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
رجعت قافلة التجارة من الشام وقد ربحت أضعاف ما كانت تربح من قبل، واخبر الغلام ” ميسرة ” خديجة عن اخلاق محمد صلى الله عليه وسلم وصدقة وامانته، فأعجبها وحكت لصديقتها “نفيسة بن مُنية”، فطمئنتها “نفيسة” واعتزمت أن تخبر محمد صلى الله عليه وسلم برغبة خديجة من الزواج منه (لم تقلها مباشرة ولكن فهم ذلك من حديثها الطيب عن خديجة).
لم تمض إلا فترة قصيرة حتى سارع لطلب الزواج من خديجة وفي صحبته عماه “أبو طالب وحمزة، ابنا عبد المطلب”. وقد أثنى علية عمها “عمرو بن أسد بن عبد العزى بن قصىّ” وتزوج محمد صلى الله عليه وسلم من خديجة. كان عمر محمد صلى الله عليه وسلم عندها 25 عاماً، خديجة 40 عاماً.
روى الخوارزمي والحاكم أن خديجة كان عمرها يوم تزوّج بها محمد صلى الله عليه وسلم ثمان وعشرين سنة [6]. وعن ابن عباس أنه تزوجها وهى ابنة ثمان وعشرين سنة [7].
ونقل ابن كثير: “وهكذا نقل البيهقي عن الحاكم أنه كان عمر محمد صلى الله عليه وسلم حين تزوج خديجة خمسا وعشرين سنة وكان عمرها إذ ذاك خمسا وثلاثين – وقيل خمسا وعشرين سنة”.[8]
وبهذا يكون ما صححه البيهقي أنها توفيت وعمرها خمسون سنة يرجح الروايات القائلة أنها تزوجت من محمد صلى الله عليه وسلم وعمرها خمس وعشرون سنة، أي خمسة عشر سنة قبل البعثة وعشر سنوات بعد البعثة، وبهذا يكون عمرها مكافئا لعمر محمد صلى الله عليه وسلم عند التزويج.
إسلامها السيدة خديجة
كان قد مضى على زواجها من محمد 15 عاماً، وقد بلغ محمد الأربعين من العمر، وكان قد اعتاد على الخلوة في غار “حراء” ليتأمل ويتدبر في الكون.
وفي ليلة القدر، عندما نزل الوحى على محمد وانطلق إلى منزله خائفاً يرتجف، حتى بلغ حجرة زوجتة خديجة فقال: “زملوني”، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال: “مالي يا خديجة؟، وحدثها بصوت مرتجف، وحكى لها ما حدث…وقال “لقد خشيت على نفسي”. فطمئنته قائلة: “”والله لا يخزيك الله ابدا… إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلّ، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق”” فكانت أول من آمن برسالته وصدّقه….فكانت بهذا أول من اسلم من المسلمين جميعا وأول من اسلم من النساء.
منزلة السيدة خديجة عند سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
كانت لخديجة منزلة خاصة في قلبه فهي عاقلة، جليلة، دينة، مصونة، كريمة. وحتى بعد وفاتها وزواج محمد من غيرها من النساء لم تستطع أي واحدة منهن أن تزحزح “خديجة” عن مكانتها في قلب محمد.
فبعد أعوام من وفاتها وبعد انتصار المسلمين في معركة “بدر” وأثناء تلقي فدية الأسرى من قريش، لمح محمد قلادة لخديجة بعثت بها ابنتها “زينب” في فداء لزوجها الأسير “أبي العاص بن الربيع” حتى رق قلبه من شجو وشجن وذكرى لزوجتة الأولى ” خديجة “فطلب محمد من اتباعه أن يردوا على زينب قلادتها ويفكوا أسيرها إن شائوا.
وقالت عائشة: كان محمد لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكر خديجة يوما من الأيام فأدركتني الغيرة، فقلت هل كانت إلا عجوزاً فأبدلك الله خيراً منها، فغضب ثم قال:” لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء فقالت عائشة ” اعف عني، ولا تسمعنى أذكر “خديجة” بعد هذا اليوم بشيء تكرهه ”
قالت عائشة “ما غرت على أحد من نساء محمد ما غرت على خديجة. وما رأيتها، ولكن كان يكثر ذكرها وربما ذبح الشاة ثم قطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأن لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة. فيقول: إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد…”
فضائلها خير نساء الجنة
لا شك أن امرأة بمثل هذه الأوصاف لا بد أن يكون لها منزلة رفيعة، فها هو الرسول يعلن في أكثر من مناسبة بأنها خير نساء الجنة؛ فقد روي عن أنس بن مالك أن النبي قال: “حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون”.
يقرئها ربها السلام
ليس هذا فحسب، بل يُقرِئُها المولى السلام من فوق سبع سموات، ويبشرها ببيت من قصب في الجنة؛ فعن أبي هريرة أنه قال: أتى جبريلٌ النبيَّ فقال: “يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ”.
وفاتها
توفيت “خديجة” قبل هجرة محمد إلى يثرب بثلاث أعوام، وكان عمرها 65 عاماً. وذكر البيهقي أن خديجة توفيت وعمرها خمسين سنة، وهو أصح [9]. وقال الحاكم: “أنها لم تبلغ الستين سنة” [10]. أنزلها محمد بنفسه في حفرتها وأدخلها القبر بيده، ودفنها بالحجون (مقابر المعلاة بمكة المكرمة).