أنتِ وأسرتك

أحلم بأن يكون لي أصدقاء

[FONT=Arial] كتب لي أحد الأفاضل مستشيرا يقول: ليس لي أصدقاء، وأحلم بأن يكون لي أصدقاء يحبونني حقاً، ويهتمون بي ويبحثون عني، وقد حاولت كثيراً أن أكسب الأصدقاء، ولكن كل محاولاتي تنتهي بمجرد علاقة سطحية، ولا أعرف كيف أكسبهم؟
فأجبته بقولي: إنّ ما طرحته ـ أخي الوفي ـ طيّ رسالتك المختصرة ـ مشكوراً ـ لا يمثل مشكلة، وإنما هو إحساس فطري، جدير أن تمارسه شعوراً وتفعيلاً، إذ من الطبيعي أن يكون لك أصدقاء يبادلونك حباً عميقاً نقياً تتوق إليه، ركيزته الإخلاص ودعامته الصدق. هذا الشعور كاف ليبرهن على ما تتمتع به من “اجتماعية” صادقة متوازنة هي من صلب قوام شخصيتك المنفتحة على الآخر. وإنك إذ تسأل عن أساليب القرب وكسب الود يحسن ـ قبل ذلك كله وقبل البحث عن مسالك لامتلاك قلوب الآخرين ـ العودة إلى الذات لمساءلتها لاسيما أن لدينا يقيناً جازماً نحن المسلمين أنّ محرك الألفة والتأليف يظل دائماً بيد الرحمن، الذي بمشيئته يتم تصريف قلوب العباد وله فيما يختار شؤون:
1ـ هل حددت أهدافاً لصداقاتك؟ وهل هذه الأهداف مؤسسة على جوانب روحية تواصلية تكاملية؟ أم هي مقامة على جوانب مادية عبثية عشوائية، تحكمها المنافع والمصالح الظرفية؟ فإن كانت روحية إيمانية ـ وهي المرشحة لتكون كذلك ـ وهذا هو الصواب؛ فإنها ستنشأ بإذن الله وسيكتب لها الدوام. وإن كانت غير ذلك سوف لا يقرّ لها قرار.
2ـ حمل النفس على ما يزينها:
صن النفس واحملها على ما يزينها
تعش سالماً والقول فيك جميل
إنّ علياً بن أبي طالب رضي الله عنه من خلال هذا البيت يدعوك برفق ولين إلى تجميل النفس بأفضل الخلق، وصونها من آفات الأهواء، ما ظهر منها وما بطن، سراً وعلانية، تكيفاً وتفاعلاً، وبإذن الله ستكون قادراً على إرساء علاقات حميمة مستدامة.
3ـ نكران الذات في سبيل خدمة الآخر، ومدّ العون قدر المستطاع والاستجابة الإيجابية في حدود ما يرضي الله عزّ وجل.
4ـ التواضع وخفض الجناح لهم، مع تجنب التعالي والتفاخر والتباهي.
5ـ تحري نوعية الصداقة: وذلك بتأسيسها على تبادل الأدوار والمنافع التكاملية من خلال مجالات تعود بالنفع على الطرفين وتحقق نمو المعارف والمهارات والقيم والاتجاهات علمياً ودينياً ودعوياً وخلقياً.
6ـ انتقاء الصديق واعتماد “النوع لا الكم”: الحكم والأقوال والأمثال والأحاديث النبوية تجتمع جميعها لتلحّ على ضرورة اختيار الأصدقاء: “قل لي من تصادق أقل لك من أنت”.
“الصديق عند الضيق” وفي الحديث الشريف: “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل”(رواه أحمد وحسنه ابن حجر). هذا دون أن نغفل عن الآية الكريمة: “الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ”سورة الزخرف 67.
ويسوقنا المقام إلى التذكير بالمقام اللائق بالأخلاء يوم القيامة وبالمتحابين في الله، الذين سيكونون على منابر من نور، وبالمتعارفين في الله، الملتقين والمتفرقين فيه، الذين سيظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله ـ جعلنا الله جميعاً من ضمن هؤلاء وأولئك ـ آمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وشرح الله صدرك بإخوة أصدقاء لم تلدهم أمك” فربّ أخ لك لم تلده أمك، تقر به عينك.

[/FONT]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى