إسلاميات

المسجد الحرام – مساجد حول العالم

مساجد لها تاريخ - المسجد الحرام

المسجد الحرام هو ذلك المسجد الذي تتوسطة الكعبة المشرفة أقدس وأشرف بناء في قلوب المسلمين، وهو أول المساجد التي تُشد اليها الرحال، والصلاة فيه تعدل مائة الف صلاة في غيره من مساجد الأرض. سمى بالمسجد الحرام لحرمه القتال فيه، ويحرُم صيد الحيوانات، وكذلك الطيور الموجودة به ، ويحُرم قطع نباته الذي أنبته الله تعالى ولم يزرعه أحد ويحرُم التقاط لقطته إلا لتعريفها.

ولا يمكن ذكر المسجد الحرام دون ذكر الكعبة، إذ يبدأ تاريخ المسجد بتاريخ بناء الكعبة المشرفة، حيث أن الكعبة هي قبلة المسلمين أينما كانوا، إليها يتجهون عند الصلاة والدعاء، وحين يموت المسلم يوجه اليها عند دفنه، وحولها يطوف الحاج والمعتمر، واليها تهفوا نفوس المسلمين من كل الأجناس والبقاع.

المسجد الحرام

تاريخ بناء الكعبة :

ويبدأ تاريخ المسجد الحرام بتاريخ بناء الكعبة المشرفة، وقد ذكر العلامة الألوسي أنها بنيت من قبل خمس مرات.

صور نادرة للكعبة
صور نادرة للكعبة قديماً
  • الأولى: ويعتقد أغلب العلماء أن الملائكة من بنوا الكعبة وكانت من ياقوته حمراء، ثم رفع ذلك البناء إلى السماء أيام الطوفان، أو أن آدم عليه السلام بمعاونه الملائكة هو أول من بنى المسجد الحرام،
  • الثانية: بناء إبراهيم مع ابنه إسماعيل عليهما السلام، ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ﴾ُ [البقرة : 127]، فجعل إسماعيل – عليه السلام – يأتي بالحجارة و إبراهيم يبني، وارتفع البيت شيئا فشيئا ، حتى أصبح عاليا لا تصل إليه الأيدي، عندها طلب من ابنه إسماعيل – عليه السلام – أن يأتيه بحجر ليصعد عليه ويكمل عمله، واستمرا على ذلك وهما يقولان : ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ﴾ [البقرة : 127]
  • الثالثة : بناء قريش في الجاهلية، بعد أن حدث حريق كبير بالكعبة نتج عن محاولة امرأة من قريش تبخير الكعبة فاشتعلت النار وضعف البناء ثم جاء سيل حطم أجزاء الكعبة فأعادت قريش بناء الكعبة، وقد حضره النبي صل الله عليه وسلم، وكان ذلك في العام الخامس قبل بعثة النبي صل الله عليه وسلم، وشارك بنفسه الشريفة أعمامه في العمل، ولما أرادت قريش في هذا البناء أن ترفع الحجر الأسود لتضعه في مكانه حتى كادوا أن يقتتلوا فيما بينهم ، فجاء أبو أمية بن المغيرة المخزومي فاقترح عليهم أن يحكّموا فيما اختلفوا فيه أول من يدخل عليهم من باب المسجد الحرام ، فوافقوا على اقتراحه وانتظروا أول قادم ، فإذا هو رسول الله صل الله عليه وسلم وما إن رأوه حتى هتفوا : هذا الصادق الأمين ، رضينا ، هذا محمد ، وما إن انتهى إليهم حتى أخبروه الخبر فقال : ” هلمّ إلي ثوبا “ فأتوه به فوضع الحجر في وسطه ثم قال : ” لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا “ ففعلوا ، فلما بلغوا به موضعه ، أخذه بيده الشريفة ووضعه في مكانه، وجعلت قريش للكعبة سقـفا لأول مرة، ولم يكن لهـا سقف من قبل.
  • الرابعة: بناء عبد الله بن الزبير الذي بناها حسبما بلغه من خالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن رغبة النبي صل الله عليه وسلم، فعمل رضي الله عنه على أن يعيد بناء الكعبة على نحو ما أراد رسول الله – صل الله عليه وسلم – في حياته، فبعد هدمها حتى قواعد إبراهيم، قام بإعادة بناءها، وأدخل فيها الحِجر الذي تركته قريش خارجها حين قصرت بهم النفقة – وكان حوالي ستة أذرع – ، فعادت الى ما كانت عليه زمن سيدنا إبراهيم عليه السلام إلا أنه زاد في ارتفاعها عشرة أذرع أخرى عما كانت عليه قبل البعثة حين جددت قريش بنائها، وجعل لها بابين أحدهما من المشرق والآخر من المغرب، وألصق بابهـا بالأرض بحيث يدخل الناس من باب ويخرجون من الآخر، وجعلها في غاية الحسن والبهاء ، فكانت على الوصف الذي تمناه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – .
  •  الخامسة: بناء الحجاج بن يوسف الثقفي الذي غير ما فعله ابن الزبير بعد مقتله. ففي عهد عبد الملك بن مروان كتب الحجاج بن يوسف الثقفي إليه فيما صنعه ابن الزبير في الكعبة ، وما أحدثه في البناء من زيادة ، وظن أنه فعل ذلك بالرأي والاجتهاد ، فرد عليه عبد الملك بأن يعيدها كما كانت عليه من قبل ، فقام الحجاج بهدم الحائط الشمالى وأخرج الحِجْر كما بنته قريش ، وجعل للكعبة بابا واحد فقط ورفعه عاليا ، وسد الباب الآخر ، فأعادها بذلك الى ما كانت عليه زمن قريش، إلا أنه ترك ارتفاعها على ما أقامه ابن الزبير، ولما بلغ عبد الملك بن مروان حديث عائشة – رضي الله عنها – السابق ذكره، ندم على ما فعل، وقال : ( وددنا أنا تركناه وما تولى من ذلك) ، وتمنى عبد الملك أن لو تركها على ما بناه ابن الزبير.  وقد سأل هارون الرشيد بعد ذلك بتسعة عقود الإمام مالك في هدو الكعبة وردها الى بناء ابن الزبير ، فنهاه الإمام مالك خشية أن تذهب هيبة البيت جراء كثرة الهدم وإعادة البناء، فيأتي كل ملك وينقض فعل من سبقه ، ويستبيح حرمة البيت، وقد ذكر ذلك النووي في شرح مسلم.

ثم تلا ذلك بعض الإصلاحات والتجديدات فى الكعبة المشرفة ونستطيع القول جازمين أن تاريخ بناء وتوسعة وتجديد الحرم المكي يمثل تاريخ الإسلام السياسي والإجتماعي والعمراني، فليس هناك من خليفة أو ملك، أو أمة أو شعب، أو عصر أو جيل من المسلمين، إلا وله في المسجد الحرام بصمات أو موقع، سواء بقي من ذلك شيء إلى الآن ماثلاً وشاهدا أم زال أمام سيل الإضافات والتجديدات والتوسعات التي ما توقفت منذ أيام الخلافة الراشدة حتى يومنا هذا، ليصبح المسجد الحرام في كل عصر وزمن أجمل المساجد وأوسع المساجد وأعظم المساجد وأطيب المساجد.

وصف المسجد الحرام

يتكون المسجد الحرام من الكعبة المشرفة والتي تتوسط بناء المسجد، والمساحة البيضاوية (شبه المستديرة) حول الكعبة وتسمى بالمطاف حيث يطوف الناس حول الكعبة في غير اوقات الصلاة، أما حين تقام الصلاة فإنها تتحول الى مصلى للناس.

الكعبة المشرفة

مخطط تقريبى للمسجد الحرام

وبالمطاف يوجد مقام إبراهيم عليه السلام مقابلاً للحجر الأسود ويبعد عنه تقريباً 11 متراً.

وأسفل المطاف يوجد بئر زمزم المباركة والذي قال رسول الله عن ماءه أنه “خير ماء على وجه الأرض ماء” حسنه الألباني من رواية عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وفي الجهة الجنوبية الشرقية من الكعبة يقع جبل الصفا على بعد 130 متر من الكعبة، وعلى الشمال الشرقي لها جبل المروة على بعد 300 متر تقريباً، والذي كانت السيدة هاجر رضي الله عنها تسعى بينهما بحثاً عن الماء لأجل رضيعها اسماعيل عليه السلام، ومن وقتها والسعي بين هذين الجبلين من شعائر العمرة والحج.

وللمسجد الحالي مآذن وابواب وقباب وكباري، والعديد من الخدمات التي تخدم الحجاج والمعتمرين من أماكن للوضوء، ودورات مياه، وسلالم متحركة، ودواليب لوضع الأشياء الخاصة وغير ذلك من الخدمات.

مقام ابراهيم عليه السلام:

مقام إبراهيممقام إبراهيم عليه السلام هو ذلك الحجر الذي كان إبراهيم عليه السلام يقف عليه عند بناء الكعبة، وفي هذا الحجر أثر قدمي إبراهيم عليه السلام وتلك آية من آيات الله وعبرة للمؤمنين قال تعالى: ﴿ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ﴾ [آل عمران : 97]، ويقع المقام في الجهة الشرقية من الكعبة، قبالة باب الكعبة المشرفة.

يسن أن يصلي الطائف عقب طوافه ركعتين خلف المقام بحيث يكون المقام بينه و بين الكعبة، لقوله تعالى : ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾ [البقرة : 125]، وفي المتفق عليه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: (قدم النبي صل الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعاً وصلى خلف المقام ركعتين) .

بئر زمزم المباركة :

ماء زمزم خير ماء على وجه الأرض: قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام طعم، وشفاء سقم ” أخرجه الطبراني في الكبير و الأوسط. فماء زمزم ينبع في أقدس بقعة على وجه الأرض عند بيت الله الحرام وقرب الركن و المقام، وقد غسلت الملائكة به قلب المصطفى صل الله عليه وسلم فقد شق صدره الشريف صل الله عليه وسلم أربع مرات كما في صحيح البخاري، مرة و هو ابن أربعة سنوات وكان عند مرضعته حليمة السعدية، ومرة وهو ابن عشرة سنوات، ومرة حين نبئ عند مجيء جبريل عليه السلام بالوحي إليه، ومرة رابعة ليلة الإسراء و المعراج حين عرج به إلى السماء.

ومن خصائص ماء زمزم أنه شفاء من الامراض الحسيه و المعنوية، فقد روي عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: قال سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: ” ماء زمزم لما شرب له” أخرجه الإمام احمد ابن ماجه و صححه الحافظ ابن حجر، ((لما شرب له)) من صيغ العموم فتعم أي حاجة دنيويه أو أخروية، وقد شربه جماعة من أهل العلم بنية العلم و العمل كالحافظ ابن حجر و الحاكم.
من السنة الشرب من ماء زمزم وقد وردت سنية الشرب من ماء زمزم عند الفراغ من الطواف بالبيت وقبل البدء بالسعي. وكذا سنية شرب ماء زمزم عند الفراغ من أداء المناسك. ومن آداب شرب زمزم أن يشرب بيمينه وان لا يتنفس في الإناء وأن يشرب في ثلاثة أنفاس، ويسمي قبل الشرب، ويحمد الله بعده، ويدعو أثناء الشرب لنفسه و لغيره فإنه من مواطن إجابة الدعاء.

أحكام وفضائل المسجد الحرام

  • هو أول مسجد بُني على الأرض يُعبد الله تعالى فيه، قال تعالى: { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران : 96].
  • أُسري برسول الله منه الى المسجد الأقصى، قال الله تعالى: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى } [الإسراء : 1]
  • يُضاعف أجر الصلوات وسائر الطاعات فيه، قال رسول الله صل الله عليه وسلم : ” فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة ” صححه الألباني من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.
  • يُمنع غير المسلمين من دخوله أياً كان السبب، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [التوبة : 28].
  • من دخله كان امناً.
  • لا يحل لأحد التقاط لقطته للتملك، وإنما تحلُّ فقط لمن يطلب صاحبها وينشده.
  • الذنب فيه أغلظ وأشد من سواه من الأماكن، قال الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [الحج : 25].
  • صلاة النافلة فيه لا تكره في أي وقت من الأوقات.
  • من المعلوم أن صلاة العيد يستحب آداؤها في المصلى لا في المسجد، إلا من كان بالحرم فإن الصلاة في المسجد الحرام أفضل.
  • إذا نذر الإنسان قصده، وكذلك المسجد النبوي، أو المسجد الأقصى، لزمه الذهاب والوفاء بنذره، بخلاف غيرها من المساجد فإنه لو نذر الذهاب إلى مسجد معين فإن ذهابه إلى أي مسجد يكفي عنه، وبذلك قال جمهور الفقهاء.
  • يستحب لقاصده أن يُحرم قبل دخوله وإن لم يكن يريد الحج أو العمرة.

لمزيد من المعلومات يمكنكم مشاهده هذا الفيلم القصير عن المسجد الحرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى