صحة ورياضة
الفيبروميالجيا مرض صامت كالسحر..لكن أعراضه مرتفعة الصوت
الفيبروميالجيا … ألم غامض؟؟.. إرهاق شديد..تحاليل كثيرة وتكاليف كبيرة ، ولا يظهر أيّ مرض عضوي، لكنك تقضي الليل متعباً بسبب القلق مما تشعر به؟ الفيبروميالجيا مرض صامت كالسحر لكن أعراضه مرتفعة الصوت.
الفيبروميالجيا يشبه السحر ؟!
آلام فضيعة تدب في عموم جسدك، تستيقظ صباحا وكأنك لم تنم، وشدة الألم تجبرك على الانحناء، تراجع الأطباء .. وتجري تحاليل للدم .. وصوراً شعاعية ومقطعية ..حتى صور بالرنين المغناطيسي .. ولكن لا يظهر مرض عضوي ؟! كالسحر ؟! يجعلك في حيرة ؟!
حيرة لا تختلف عن حيرة الأطباء والمؤسسات البحثية المعنية بهذا المرض الغريب. ولاتزال أسباب هذا المرض مجهولة، لكن بعض الأطباء انتبهوا إلى ظهور الأعراض بعد نكسة صحية أو عملية جراحية أو التهاب شديد، أو بعد التعرض إلى ضغط نفسي حاد، وتتراكم الأعراض لتؤدي إلى مرض “الفيبروميالجيا” أو ما يعرف بمرض “الألم العضلي الليفي” fibromyalgia.
النساء أكثر إصابة بمرض الفيبروميالجيا
نسب الإصابة تؤكد أنه يصيب النساء بشكل خاص، لكن توجد وبنسبة أقل بكثير إصابات بين الرجال ، وفي مختلف الأعمار ، وتترافق الأعراض في بعض الحالات مع الآم في المفاصل وصداع حاد، وأحيانا نوبات من سوء الهضم، والكآبة والقلق. بعض الباحثين يعتقدون أنّ تكرار المحفزات العصبية باتجاه توكيد الألم في مناطق معينة ،يؤدي إلى ارتفاع مستويات مركبات كيماوية في الدماغ، تبدأ في إظهار أعراض نقاط الألم، حتى تمتلك مستشعرات الألم ذاكرة مرضية ، تحفز المريض للتألم بمجرد تذكره أنه مصاب بمرض صامت، لكن آلامه مرتفعة الصوت ، وهكذا سيعيش دوامة وذاكرة الألم التي لن تنتهي.
الفيبروميالجيا لا طبيب له !
من أكبر مشكلات المصاب أنه لا يوجد طبيب متخصص في علاجه ، فأغلب الأطباء لم يسمعوا به، ومن سمعوا به لم تمر بهم حالات ليعالجوها، ومن مرت بهم حالات لمصابين لم يجدوا لها علاجاً، وهذا يفاقم أزمة المريض، فهو يقوم بزيارة أطباء من اختصاصات مختلفة ، لينتهي بالأدوية المسكنة للألم التي كان قد بدأ بها لوحده دون وصفة طبيب، وحتى التحاليل تساهم فقط في احتمال عدم حصول أي التباس في التشخيص.
علاج الفيبروميالجيا بمضادات الاكتئاب
المسكنات والعلاجات المتعلقة بأمراض الأعصاب ، هي ملجأ من يعانون من هذا الداء، ولكن الآلام الشديدة قد تصل بهم لاستخدام مضادات الاكتئاب؟! لكن الأطباء يؤكدون على ضرورة عدم تناول هذه الأدوية دون إشراف الطبيب ،لأنّها تملك آثاراً سلبية على الدماغ والجسد إذا تم تناولها بإفراط ، كونها تعالج أمراض عصبية ومنها “الصرع”، وحين يتم استخدامها بهدف تخفيف توتر الأعصاب، فهذا يغير في معادلاتها الكيماوية ، ما لم تتم بإشراف طبيب مختص، بالإضافة للآثار الجانبية الخطيرة ، حيث يفضل العديد من المرضى الاعتماد على مسكنات الألم العادية بدلاً من هذه الحبوب،لكن للأسف حتى هذه الأدوية يجب أن تقترن مع حبوب تنظيم الجهاز الهضمي، وقد تؤدي إلى الإدمان، واستخدامها لفترات طويلة يقلل من فعاليتها، ويصبح المريض مجبراً على رفع الجرعات ، ما قد يسبب أمراضا غير متوقعة.
أعراض وعلامات الفيبروميالجيا
الأفراد يشكون من آلام وتصلب في مناطق حول الرقبة والكتفين وأعلى وأسفل الظهر ومنطقة الورك، ويحدث ذلك عادة في جميع أنحاء الجسم، على الرغم من أنها قد تبدأ في منطقة واحدة، ويمكن أن تنتشر على فترة من الزمن، وقد وصفت الآلام بالإحساس بالحرق، ووجع، وغالبا ما تتغير حسب التوقيت، النشاط، الطقس، و أنماط النوم والإجهاد، وتختلف الآلام مابين شديدة، لشديدة جداً .
النوم مستيقظاً؟!؟
معظم الناس يشعرون بالتعب، وانخفاض القدرة على التحمل، كنوع من الإرهاق المرافق للانفلونزا أو قلة النوم، و يعد التعب الشديد مشكلة أكبر بكثير من الألم، حيث يعاني المصابون من قلة في النوم، فعلى الرغم من عدم وجود صعوبة بالغفيان، لكنهم لا يستغرقون في النوم ، و يعانون من الاستيقاظ كثيراً أثناء الليل، وفي كثير من الأحيان يصاحب الاستيقاظ الشعور بالتعب، حتى بعد النوم جيداً خلال الليل.
صامت ..أوهام نفسية
التغيرات في المزاج من الأعراض الشائعة لهذا الداء ، وترافق الآلام الجسدية مشاعر الحزن، حيث يعاني المصابين من الاكتئاب والقلق ، ويعتقد بعض الباحثين وجود علاقة بين آلام العضلات الليفية وأشكال من الاكتئاب والقلق المزمن ، ولكن الدراسات تشير إلى ان أي شخص مصاب بمرض مزمن، قد يشعر بالاكتئاب أحياناً ، بسبب معاناتهم من الألم والتعب المرافق له ، كما تترافق هذه الأعراض مع صعوبة في التركيز وأداء المهام العقلية البسيطة، وهذه المشاكل تظهر وتختفي ، وغالبا ما تبرز في أوقات التعب أو القلق الشديد، ولوحظ وجود مشاكل مماثلة لدى كثير من المرضى بالأمراض المزمنة الأخرى.
صداع … آلام بطن
الصداع وخصوصا الصداع الناتج عن التوتر والصداع النصفي،هي من الحالات الشائعة لدى المصابين ، آلام في البطن، الانتفاخ ,الإمساك والإسهال بالتناوب (متلازمة القولون العصبي)، ومن الأعراض الشائعة أيضاً تقلصات المثانة والدوخة، وآلام في المفصل الصدغي الفكي ومفاصل اليدين والذراعين والقدمين والساقين أو الوجه.
كيف يتم تشخيص الفيبروميالجيا …وماهي الأسباب؟!
لا يمكن تشخيصه عبر التحاليل المخبرية، ونتائج الأشعة السينية، فاختبارات الدم والخزعات العضلية تبدو طبيعية، ويعتمد التشخيص على التاريخ الدقيق للمريض والفحص البدني، وحسب لمعايير الكلية الأميركية لأمراض الروماتيزم (ACR)، يشخص المريض إذا كان لديه تاريخ من الألم على نطاق واسع لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، لكن بعض الأمراض الشائعة قد تتشابه معه، كاضطرابات الغدة الدرقية، ومرض الذئبة والتهاب المفاصل الروماتويدي والالتهابات، هذه الحالات عادة يتم استبعادها عن طريق الفحص المخبري، ومن المهم زيارة طبيب الروماتيزم الذي يعرف كيفية تشخيص وعلاج هذه الحالة.
ولايزال سبب المرض غير معروف، لكن هناك العديد من العوامل، مثل مرض معد، الصدمات الجسدية، الصدمة العاطفية أو التغيرات الهرمونية، وقد اقترح بعض العلماء أن الأشخاص الذين يعانون من المرض لديهم مستويات غير طبيعية بالعديد من المواد الكيميائية المختلفة ، التي تساعد على نقل وتضخيم إشارات الألم من وإلى المخ، ولكن غير معروف إذا كانت هذه التشوهات هي سبب أو نتيجة للآلام العضلات الليفية.
علاج الفيبروميالجيا:
لا يوجد علاج معروف، بالرغم من أنها حالة مؤلمة، ولكنها لا تسبب ضرر بالأنسجة، و يمكن أن يسيطر عليها بنجاح في كثير من الحالات، وتشمل الخيارات المتاحة للعلاج:
- أدوية للتقليل من الألم وتخفيف الأعراض.
- برامج التمارين التي تمدد العضلات وتقوم بتحسين القلب والأوعية الدموية.
- تقنيات الاسترخاء والتدليك لتخفيف توتر العضلات.
- البرامج التعليمية للمساعدة على فهم وإدارة الألم،والابتعاد عن التوتر .
وتختلف الخطة حسب كل حالة ، أعراض خفيفة تحتاج القليل من العلاج ، أو أعراض شديدة تتطلب برنامج رعاية شاملة.
تحاليل كثيرة .. وتكاليف كبيرة لمعاينة مختصين بهدف البحث عن إجابة، و غالباً الجواب:
الفيبروميالجيا مرض صامت كالسحر..الفحوصات طبيعية ؟!
لكن أعراضه مرتفعة الصوت ؟!
مما يشكك بحقيقية الشكوى، ويزيد من مشاعر العزلة والغضب للمريض، والحل الامثل في تعلم كيفية إدارة هذا المرض.